كتاب وشعراء

الزّاحف إلى المجد….بقلم حسن عبد السلام أبو ديه

ليس جنديّاً.
كان ظلّاً من غبار، حافيّاً، بثيابٍ تشبه ذاكرة الحقول المهجورة، يزحف نحو دبابةٍ، كأنّه يسير إلى القيامة.
لا بندقية على كتفه، بل بين أضلعه شرف الأرض.
تحت الدّبابة وضع لغماً، وابتهالاً يحفظه مذ كان صغيراً، ربّما لا لينتصر، بل ليقول: لا تقولوا إنّكم مررتم من هنا بسهولة.
سيموت، نعم، ربما، لا، لكنّه سيترك خلفه خريطةً مرسومة بالكرامة، تعلّمنا ألّا نكون مجرد آثار أقدام، بل ألغاماً في ذاكرة الاحتلال.
وتنشقّ الأرضُ عن نبتةٍ صغيرة،
كان اسمه مكتوباً على ورقتها الوحيدة، وابتسامته كأنها ابتسامة جدّي في مواسم الزيتون.
لحظات، وارتفعت الدّبابةُ في الهواء كحمامةٍ مربوطةٍ بخيطٍ من نار،
وابتسمت السّماء…
كأنّ الملائكة أزالت رملاً عن جبين شهيد، وقالت: الذين يزحفون من التّراب إلى الله، لا يحتاجون أحذية،
بل نيةً خالصة، وشعلةً صغيرة تشبه اليقين.
فمن قال إنّ المجد يُكتب بالسّيوف؟
في غزة، يُكتب المجد بزحفٍ صامت…
ونَفَسٍ أخيرٍ، وابتهال يتردّد منذ الطفولة، وينضج تحت دبابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى