مريم محمّد نعمي تكتب :من أقوى في سوريا: المستقبل أم الماضي؟

لم يُساند أحمد الشرّع غزّة ولم يقف في وجه إسرائيل عندما دمّرت نصف مُقتدَرات الشعب السوري، لم يَهُبَّ لاستعادة الجولان ولم يُحرِّك عناصره ضدّ الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يمتدّ داخل أراضيه، بل كثُرت الأحاديث في الفترة الأخيرة عن محادثات غير مباشرة جرت مع أحمد الشرّع أعلن فيها أنّ سوريا سوف تدخل الاتّفاقات الإبراهيميّة. لقد قطع خطّ الإمداد عن المقاومة وأظهر نفسه أمام العدوّ الإسرائيلي أنّه مستعدّ أن يُقاتل حزب الله في لبنان. لم يُشكّل أحمد الشرّع وجماعته خطرًا على العدوّ بل كان خطيرًا ممتدًّا إلى مكوّنات سوريا. لم ينجح النظام الجديد في سوريا في تفادي أخطاء النظام القديم، وإن أظهر عكس ذلك. صحيح أنّ النظام القديم كان لا يحترم الحريّات، لكنّ النظام الجديد لا يحترم الاختلاف والأديان والمعتقدات ولا يحترم التنوّع الموجود داخل سوريا. لا يمكن للفكر المتطرّف أن يبني دولة قويّة، دولة تستطيع حماية جميع المكوّنات. الحرب اليوم في سوريا حرب انتقاميّة، وكأنّ هذه الجماعات تتغذّى على الدماء، تريد فقط القتال ضدّ مَن؟ ضدّ كلّ من لا يُشبههم في المعتقد والدين والفكر. الحرب اليوم حرب لإلغاء جميع الطوائف الأخرى، يريدون سوريا من لون واحد… لقد ألبسوا سوريا ثوب الطائفيّة والمذهبيّة، ثوب لا يُشبه ياسمين العرب وأرض الحضارات والفنّ العريق.
لم يُحاسِب أحمد الشرّع مرتكبي الجرائم في الساحل السوري. لم يستطع أن يفرض سلطته على الشعب، رغم أنّ أغلب الشعب أيّده عن دون وعي. بعد الساحل السوري شهدنا تفجير كنيسة في سوريا وانتشرت الأحاديث في الأوساط عن وجود نيّة من أجل تهجير مسيحيّي سوريا من سوريا إلى لبنان. واليوم القاتل واحد والمُستهدَف واحد: أبناء البلد الواحد. شهدت السويداء السوريّة اقتتالًا دمويًّا جديدًا وأحداثًا لا تمتّ بالإنسانيّة بصلة: اعتداءات على الأبرياء العزّل والمساس بكرامة الشيوخ، فوضى عارمة، والنتيجة بعد ذلك كلّها أعلن الاحتلال الإسرائيلي تكثيف الضربات على سوريا وهو يستهدف سوريا ويضرب مقارّها العسكريّة. العدوّ لا تهمّه الأقليّات ولا يريد أن يحمي الدروز ولا العلويّين. العدوّ ينتظر الفرصة المناسبة ويستفيد من أيّ نزاع داخلي من أجل تنفيذ مخطّطاته التوسّعية.
ويبقى السؤال: هل تتكرّر تجربة العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين ويسقط الإسرائيلي النظام مجدّدًا في سوريا؟ أشارت المصادر أنّ أحمد الشرّع فرّ من قصر الشعب، وهناك أنباء عن أنّ هناك غارات استهدفت محيط قصر الشعب. هل انتهى دور الشرّع في سوريا؟ هل ينتقل الصراع بين تركيا وإسرائيل؟ أم أنّ أميركا سوف تنجح بضبط الوضع لصالح إسرائيل كما في كلّ مرّة؟
الصورة ضبابيّة حول ما سيجري في سوريا حتّى بعد رحيل النظام الجديد. لا شكّ أنّ سوريا تدخل في كلّ مرّة في المجهول وفي مرحلة أخطر من المرحلة السابقة. المطلوب من الشعب السوري الوعي من المخاطر الإسرائيليّة والمخاطر التكفيريّة والمخاطر التقسيميّة، والالتفاف حول سوريا الحبيبة، والإسراع في إنقاذ ما تبقّى من سوريا.
بين شعارات الحرّية والمطالبة بالحرّية، من نال الحرّية حقًّا في سوريا؟ الشعب السوري أم بشّار الأسد؟