لوحة….بقلم عيد صالح

لوحة
قلت هو اللون
والخطوط والمسافات والشجر المتعانق
والأغصان أصابع تتراشق
والأوراق شفرات الجوي والحنين
رسائل طيرتها الريح
علي ضفاف البوح
أهازيج عشق
لعندليب فاض به الشوق
والعصافير جوقة الزقزقات
في رقصة الوجود علي إيقاع الريشة والألوان
قالت اللوحة
لست ما تراه في الإطار
معلقا علي الجدار في صالون برجوازي
مغلفا بالصمت والجلال
أو في قاعة العرض والزوار
يتيهون في لجة الألوان والتقاطعات والظلال
ويبحرون فيما وراء الوراء
أنا ذلك الطفل المعربد في الجوانح
والعجوز الفيلسوف المهرج المستغرق في الغناء وفي البكاء
أنا من بات يضرب رأسه حد الإغماء حين يتجمد اللون وتتحجر الريشة
وتتخطفني في ذروة اليأس الصقور والغربان
حين لا أصحو ولا أنام
حتي إذا انبثق الضوء من شرفة الروح
ارتعشت الخلايا وتدفق اللون في أوصال الريشة
وزغردت في المرسم اللوحات
قال الناقد المتحذلق
هذا الفراغ والظل تلك الحفرة والتل
والعينان طوافتان في مدار اللون
والكون انعتاق الخطوط في مسار الضوء
وانبلاج اليقين في لازورد الزبرجد
وبنفسجات التخوم
قال الجدار
أنا الحافظ للمتون من ظلام الأقبية والغبار
أنا الحاضن للنقاشات والرؤي والتفاسير
والمشاهد الذي تعتريه الحيرة ويتوقف علي شفتيه السؤال
والعاشقان اللذان يتهادي علي الأرض ظلهما في الضوء المخاتل
أنا الحائط الرابع الذي يسقط
بين الحقيقة والخيال
أنا الحرز والتميمة
أنا الحارس الصامت والصمت الناطق
حين تأتلق الدمعات في العيون
وتندلع المشاعر
حين تنطق اللوحات وترقص الظلال والألوان
أنا أول الحاضرين
وآخر المودعين
حين يتثاءب الوقت
وتدق الساعة
وأتنفس مع اللوحة الصعداء