السفير فوزي العشماوي يكتب :الانسحاب الكامل لقوات الجيش السوري من محافظة السويداء

الانسحاب الكامل لقوات الجيش السوري من محافظة السويداء وتولي عناصر محلية من الدروز إقرار الأمن والنظام بها بها يدشن مرحلة جديدة في سوريا والمنطقة، فالانسحاب فرضه واقعيا وفعليا التدخل الاسرائيلي الحاسم بقصف قوات الجيش السوري واعلان المنطقة من الجولان للسويداء منطقة منزوعة السلاح، تقع فعليا تحت حكم محلي درزي وهيمنة وتنسيق إسرائيلي في خطوة تكاد تدشن حكما فيدراليا ذاتيا علي أرض الواقع حتي وإن لم يتم إعلانه رسميا بعد
الشرع برر الإنسحاب بالحكمة والرغبة في حقن الدماء متهما التدخلات الاسرائيلية، والحقيقة أن الرجل بحكم دوره ومن دربه وجهزه ودفع به وسلحه ووفر له الغطاء الجوي والدعم الكامل لم يكن ليملك أن يفعل الكثير، وهو حتي ولو كان راغبا في تجنب الصدام الطائفي فلم يكن يملك السيطرة الكاملة علي عناصر ميليشياته المتطرفة التي تحولت لجيش نظامي ولكنها مازالت تعتنق ذات الافكار والقناعات وتنظر بلاشك للدروز والعلويين ككفار ورافضة، لذا يتحمل هو وقواته جزءا معتبرا من المسئولية فيما آلت إليه الامور، كونهما لم يفهما فارق الاهمية بين الساحل العلوي والسويداء الدرزية بالنسبة لإسرائيل
الدروز وجدوا فرصتهم الذهبية للدخول الفعلي المعلن السافر الفاجر تحت مظلة الحماية الاسرائيلية، هذه الطائفة التي كانت شوكة في حلق الحملات الصليبية أصبحت تتماهي مع الخطط والأهداف الإسرائيلية، ومبررها في ذلك هو حب البقاء وتجنب الإستئصال من الأغلبية السنية المهيمنة علي الجيش، والتي تعاملها كأقلية كافرة مهدر دمها وليست كجماعة من المواطنين السوريين لهم ذات الحقوق والواجبات
تركيا أنجزت هدفها الرئيس في الاطاحة ببشار، وتولية حكم يدين لها بكل شئ، وحاكم تعلم وتدرب وتجهز وتسلح علي يد مخابراتها، وأمنت نفسها وحدودها الجنوبية من أي تهديد كردي، ولايهمها من قريب أو بعيد أن تدخل في صدام مع إسرائيل، بل إن التنسيق بينهما هو الأرجح
إسرائيل تدشن عصرها الذهبي، وتغرد وحيدة في سماء المنطقة، وتفرض مايمكن تسميته بالعصر الإسرائيلي paxa israeliana ، بقوتها وضعفنا وبالدعم غير المحدود من واشنطن التي قالت انه لاسيطرة لها علي القرار الاسرائيلي ..
هل نفهم يوما ما أن لابديل من نقطة الانطلاق الرئيسية : التوافق علي عقد إجتماعي جديد، يرسخ فكرة ودعائم ومؤسسات دولة المواطنة الديمقراطية العلمانية، متساوية الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والمذهب والطائفة، يحميها جيش وطني قوي محترف، يشرف بالإنتماء له كل المواطنين والاقليات علي السواء ويعرف عدوه، ولايرفع سلاحه أبدا في وجه مواطنه !
طلبات الصداقة