حين وصلت…..بقلم زكريا شيخ أحمد

حين وصلت … و كان البيت فارغاً
لم أكن يوماً ابن التيار…
كنتُ الغصن الذي قاوم السيل ،
لا لأنه أقوى…
بل لأنه يعرف أن في الانجراف
موتاً بطيئاً لا يُرى.
كل ما حولي كان يهمس:
استسلم… لا فائدة …
لكنني كنتُ أسمع همسةً أعمق من الداخل
تقول لي: ليس كل من سكت قد هُزم
بعضهم يصمت
لأنه يبني شيئاً لا يمكنهم فهمه.
أكتب… لا لأن أحداً ينتظر
و لكن لأن الكتابة هي اليد الوحيدة
التي ما زالت تمسك بي حين أتهاوى.
أكتب و أتذكر كلّ الذين مروا كأنهم لم يروني…
لم يقولوا كلمة، لم يسألوا،
لم يخففوا عني…
لكنهم علموني و دون أن يقصدوا
أن الطريق لا يحتاج إلى مرافقة،
بل إلى إصرار.
أولئك الذين قلّلوا منّي…
كانوا السبب في أن أرتفع أكثر .
كلما حاولوا إطفاء ما في قلبي
أدركتُ أن النار ليست عيباً
إن كانت هي ما يمنحني الضوء.
أنا لا أحقد…
لكنني لا أنسى أن كل نجاح بلغتُه
كان يُصاغ من صمتهم و من تجاهلهم
و من محاولاتهم لتقليص ملامحي
حتى لا يشعروا بالضآلة أمامي .
أنا لا أقاومهم…
أنا فقط أكمل… ببساطةٍ تربكهم.
الذين حاولوا منعي من أن أكون
لم يعرفوا أنهم دفعوني لأكون أكثر .
النجاح جميل ،
لكن الوحدة بعده ثقيلة
كأنك وصلت إلى البيت
و وجدتَ الباب مفتوحاً…
لكنه فارغ.
لكنني أدركتُ أن ذلك الفراغ
هو ثمن الحقيقة التي لم يملكوا شجاعة البقاء معها.
فأنا لم أُخلق لأملأ الزوايا…
و لكن لأفتح نوافذها على المعنى.
و الآن …
حين أبلغ قمة صغيرة…
ألتفتُ حولي
فأجدني وحدي.
نجحت؟
نعم … و بدأتُ أسمع أصواتاً جديدة…
أناساً يشبهونني…
يسيرون مثلي عكس التيار…
وجوههم مرهقة، لكنها صادقة.
الطريق ما زال طويلاً ،
لكني لم أعد وحدي كما كنتُ في البداية.
ثمة من يلوّح لي من بعيد
و ثمة من ينتظرني لأقول له:
نعم… وحدتك مفهومة…
لكنك لست وحدك بعد الآن .
زكريا شيخ أحمد