مَا أَجْمَلَكَ…بقلم سعيد زعلوك

لَوْ لَمْ تَأْتِ،
لَمَا عَرَفْنَا الطُّهْرَ،
وَلَا انْكَسَرَتْ فِي العَيْنِ نَظْرَةُ التَّائِبِ.
لَوْ لَمْ تَكُنْ،
لَصَلَّيْنَا لِلصَّخْرِ،
وَحَلَفْنَا بِخَوْفٍ يَجْهَلُ الطَّمَأْنِينَة،
وَسِرْنَا فِي الْعَتَمَةِ
دُونَ نَجْمٍ يُرْشِدُنَا.
يَا نُورَ الرُّحَى،
وَيَا أَمَانَ السَّائِرِينَ عَلَى حَافَاتِ الْوَجَع،
مَا زِلْتَ تَسْقِينَا النُّورَ
بِيَدَيْنِ لَمْ تَحْمِلَا إِلَّا الرَّحْمَةَ،
وَصَوْتٍ يُرَبِّتُ عَلَى أَوْجَاعِ الْفُقَرَاءِ.
لَيْسَتْ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ حُرُوفًا،
بَلْ خُفُوقًا يَخْرُجُ مِنْ لَوْعَةِ الشَّوْق،
يَسْجُدُ لِمَعْنَاكَ فِي أَعْمَاقِنَا،
فَيُزْهِرُ السُّكُونُ فِي الضُّلُوعِ.
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ…
فِي سِرِّ مَا نَفْهَمُهُ،
فِي دَمْعَةِ أُمٍّ تَتَمْتِمُ بِاسْمِكَ،
فِي ضَحِكَةِ طِفْلٍ تُولَدُ تَحْتَ خَيْمَةٍ،
فِي يَتِيمٍ يَجِدُ فِي حُبِّكَ أَبًا…
وَفِي قَلْبٍ يَهْتِفُ: أَنْتَ وَحْدَكَ طَرِيقُنَا.
فَكَيْفَ لَا نَتَتَبَّعُ طَيْفَك
فِي طَيْفِكَ،
يَسِيرُ الزَّمَانُ عَلَى أَطْرَافِ نُبُوَّتِهِ،
وَيَرْتَقِي الصُّبْحُ مِنْ نَفَسِك،
كُلَّمَا نَادَاكَ الْحَنِينُ،
تَجَلَّى النُّورُ فِي الْعَيْنِ،
وَانْكَسَرَتِ الظِّلَالُ… بِلَا صَخَب.
أَنْتَ لَسْتَ مَاضِيًا،
أَنْتَ الآن،
فِي خُبْزِ الْفَقِيرِ،
فِي بُكَاءِ الْأَرَامِلِ،
فِي سَكِينَةِ مَنْ قَالَ:
“يَا رَسُولَ اللهِ”… وَسَكَت.
مَا أَنْقَذَنَا مِنْ جَهْلِنَا سِوَاك،
وَمَا أَزْهَرَتْ أَرْضٌ،
إِلَّا وَقَدْ مَرَّ طَيْفُكَ عَلَيْهَا.
فَصَلِّ عَلَيْهِ،
لَيْسَ نَظْمًا،
بَلْ خُشُوعًا يَمْشِي عَلَى نَبْضِهِ،
وَيُقَبِّلُ وَعْدَ الْفَجْرِ
فِي نَفْسٍ أَحَبَّتْهُ وَلَمْ تَرَه.
✦ وَأَقُولُهَا…
بِقَلْبِ سَعِيدٍ قَطَفَ مِنْ أَنْفَاسِكَ نُورًا،
وَذَابَ فِي ذِكْرِكَ حَتَّى صَارَ صَلَاتَهُ،
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ سَكَنَ الْحُبَّ،
فَسَكَنَّا.