الأم التي كشفت عن ثدييها…..بقلم ماجدة حسانين

الأم التي كشفت عن ثدييها
ليَظهر وحيدها
التي سألتهُ بحقّ الرضاعة..
فأطاعَها وهو غريق.
والأم التي ترتدي الحِداد
منذ عشرين سنة
خضّبت يد ولدِها بدم قاتل أبيه
لتطبعَ حمرة القصاص
على قميصها الأبيض الجديد..
كإعلانٍ لاكتمال الرجولة.
وتلك التي لم تَكحَل عينيها
والتي ما زالت تُعد الغداء
لولدِها الشهيد كل جمعة..
تقولُ لأخته:
“ضَعيه على الطاولة.. قد يأتي”
وتلك التي قصّت ضفائرَها
ربطتها في حزام ابنها الوحيد
وقالت له:
“اهرب وإن خِفت.. تذكّرني”
والأم التي تزرع النعناع
في فِناءِ البيت
وتقولُ إنه يحبُ رائحته
رغم أنه لم يَعُد منذ ثلاثين سنة
ولا رسالةَ تُشي..
بأنه لا يزالُ يتنفّس.
وتلك التي كانت تخبزُ له الدعوات
فوقَ نار اللهفة
ثم حرقت كفها حين تأخرت السماء في الرد.
والأم التي كانت تَعدّ له خُطاه
وهو في رحمها
ثم ظلّت تعدّ الأكفان
كلما مرّت جنازة تُشبهه.
أولئك أمهات لن يَذكرهن أحد.