غزالة من لهبٍ ونور…..بقلم ليلاس زرزور

في قلب الغابة، حيث كانت الأشجار تتهامس، والعصافير تُصلّي للسلام،
ولدت غزالةٌ من نور، تمشي على المدى كأنها دعاء،
تعرفها الأعشاب، وتبتسم لها الزهور، ويرتّق بها الحلم جراح البلاد.
كانت صفحة بيضاء في دفتر الطفولة،
وذكرى خضراء لأيام لم تَحرِقها النار بعد.
لكنّ اللهب جاء.
وحين اشتعلت الأرض، وقفت الغزالة تُحاور النار بعينيها،
لم تهرب… لم تصرخ… بل شهقت، ثم اختبأت في القصيدة.
وهنا، نُشعل لك شمعة من الحروف…
وننصب لكِ تمثالًا من الشعر، يا غزالةَ الفرلق…
غزالة من لهبٍ و نور
وُلِدتْ فَغَنّى الزَهْـرُ والنَوّارُ
وَتَمايَلَتْ من حُسْنها الأشجارُ
والغابَةُ الحسناءُ زَيَّنَ صَمْتَها
سِحْرُ الجَمالِ وَمِلؤها أسرارُ
عَينانِ واسعتانِ في حَدَقاتِها
سَكَنَ النقاءُ وَشَعَّت الأقمارُ
للحُبِّ تدعو في نداءٍ صامِتٍ
حتّى كأنَّ رُموشَها أوتارُ
وَتَصُوغُ لَحْناً للسَلامِ بِهَمْسِها
فتُعيدُهُ بغُصونِها الأطيارُ
وَلَطالَما قد زُرْتُ غابتَها وَليْ
في كلِّ حينٍ قد يُتاحُ مَزارُ
أغْرَتْ عُيوني كي أُمَتَّعَ ناظري
فيها فَما يُغْري العُيونَ خضارُ
حتّى غَدونا أصدقاءً بينَنا
تتَوارَدُ الأحلامُ والأفكارُ
زَرَعَتْ بقلبي وَالضَميرِ سَنابلاً
للحُبِّ يَحْفَظُها لنا التذكارُ
تَعدو وَتَلعَبُ حُـرّةً بمُروجِها
وَتُسابِقُ الأرياحَ حينَ تُثارُ
وَكأنّها نحوَ السماءِ تَطَلَّعَتْ
ليَضُمُّها بينَ النُجومِ مَدارُ
وبها الجَمالُ يُجَسِّدُ الحُبَّ الذي
نَحْيا به وكأنّها عِشتارُ
تَشتاقُ للحُلُمِ الجَميلِ بمَوطنٍ
تَروي لنا أمْجادَهُ الآثارُ
وَتَصوغُ بينَ مشاعري أُنشودَةً
أنغامُ قافيتي بها تَحتارُ
كَبُرَتْ وَصارتْ ظَبْيَتي وَصديقتي
والحُبُّ يكبرُ والهَوى أطوارُ
عاشتْ على عطْرِ البَراءةِ لمْ تكُنْ
تدري بما ضمَّتْ لها الأقدارُ
فإذا بوَهْجِ النارِ صارَ يُحيطُها
والرَوضُ جَمْرٌ حَولَها وَشَرارُ
فَتَلَفَّتتْ تَرجو النَجاةَ وَما لَها
أمَلٌ بأيّـةِ وُجْهَةٍ تَختارُ
حَجَبَ الدُخانُ طَريقَها فَتَسَمّرَتْ
واستَسْلَمتْ لمّا أتَتْها النارُ
وَتَيَقَّنَتْ أنْ لانَجاةَ لها وَما
من هُولِ نيرانِ الحَريقِ فِرارُ
فَبَكتْ بدمْعٍ صامتٍ وإذا بها
بينَ اللهيبِ وَجَمْرِهِ تَنهارُ
ماتتْ..وأبقَتْ دَمْعَةً ترْوي لنا
عن ظُلْمِ مافَعَلَتْ بها الأشرارُ
والغابَةُ احتَرَقَتْ فَهَلْ برَمادها
يَوماً سَيَشدو للصباحِ هزارُ !!
فَوَقَفتُ أُرْثيها وَأُرْثي غابَتي
والرُوحُ تَبكي والدُموعُ غِزارُ
فَغَداً سَتَبقى في حُروفِ قَصيدتي
نَصْباً يَراهُ العالَمً الغَدّارُ
نَصْباً يُخَلِّدُ عارَ مَنْ حَرَقوا لنا
أحْلامَنا وَعلى الطَبيعَةِ جاروا
فَمتى نَعُودُ لأمْنِنا وَلِحُلْمِنا
وَتَعودُ تَنْعُمُ بالسُرورِ ديارُ
وَمتى سنَطْوي الحَربَ خَلْفَ مسارِنا
وَتَزولُ عن وَطَن السَنا الأخطارُ
وَمتى بـهِ صَوتُ البنادقِ ينتَهي
لتَفوحَ بينَ ربُوعِنا الأزهارُ
أوَليسَ يتَّسِعُ الشآمُ لكُلّنا
لنَعيشَ يَجمَعُنا به الإيثارُ ؟
لمَ لايكونُ الإختلافُ وَسيلَةً
وَتَنافُساً كي يَزدَهي الإِعْمارُ
سُورّيتي وَطنُ الجَمالِ وأهْلُها
مَهما تعاظَمَ خَطْبُها أحرارُ
فَغَداً تَعُودُ جَميلَةً وَأنيقَةً
وَتزولُ مِن ساحاتها الأَضْرارُ
وَغَداً سَترجعُ غابتي مُخضَرَّةً
حَسناءَ تَروي دَوحَها الأمطارُ
وَبها ستُولَدُ في المُرُوجِ غَزالَتي
وسَيَعْقُبُ الليلَ الطويلَ نَهارُ