كتاب وشعراء

قبل الرحيل…..بقلم وليد العايش

رسالة من امرأة بدوية إلى امرأة درزية
إلى جارتي الدرزية :
كلما سقيت النباتات على قبر أبيك ؛ مري هناك بجانب القرية حيث بيوتنااسق النباتات على قبر أبي وجدي …
أتذكرين سورة الفاتحة التي حفظناها معاً ؟ اقرئيها على قبريهما يا جارتي العزيزة …
اللبنة والجبنة التي كان أهلك يمونونها من أغنامنا، لا تستبدليها
فحصتك محفوظة وستصلك في ميعادها .
يمكنك كذلك أن تذهبي إلى البرية وتهتمي بأغنامي التي تركتها هناك ؛ فمن أولى بها من جارتي …
فأنا لا أعرف إن بقي لدي وقت كي أربي أغناماً من جديد أم أنني لن أراها مرة أخرى .
حين يكون لديك قليل من الماء ؛ اسقي الياسمينة وشجرة الزيتون التي أعطيتني إياها شتلة فزرعتها أمام بابنا فأصبحت شجرة كبيرة مثمرة لم تخش كل ما جرى ويجري من حولها .
واقطفي الياسمينات واتركيها تطير في الهواء لعل شذاها يزرع حباً لفظته هذه البلاد …
أتذكرين الثوب الذي خيطته أمك لي !!! لقد حملته معي في الأيام الماضية ونحن نركض من الجامع إلى المدرسة إلى العراء ؛ سأحتفظ به وأهديه لحفيدتي ؛ هل نجا البساط الذي حاكته أمي لك من الحريق؟ …
ومثلما بقي لديكم حنين إلى لبنان رغم مرور ٢٦٥ عاماً على التهجير ؛ التهجير الذي كان يخبرني عنه جدك بأنه لا ولن ينسى ؛ أنا كذلك سأحدّث أحفادي عنه ، عن بيتهم المحروق وعن بيتك الذي أحرقوه، عنكِ وعن ذكرياتنا وشقاواتنا في المدرسة ؟ وأحلامنا في المدينة الجامعية …
سننتظر معاً ولكن عن بعد ، بلاداً لا حريق فيها ؛ لا دمار ؛ لا دماء ؛ لا رصاص ؛ لا قتل ؛ لا جوع ؛ لا نزوح قسري ؛ لا تهجير …
وربما سنستعيد جلساتنا ذات يوم ونشرب القهوة ونعيد لعبة التبصير …
سنقول معاً : هناك طريق مفتوح وفي نهايته ضوء يا جارتي …
والآن لن أقول لك وداعاً ؛ بل سوف أقول (( إلى اللقاء ؛ إلى لقاء يشبهنا نحن فقط )) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى