محمد عبد اللاه يكتب :شعب الساحل

أبعد مكان ذهبت إليه في الساحل الشمالي هو قرية “سيدي كرير” القريبة من الإسكندرية، وكان ذلك منذ نحو ربع قرن.
أنا لست من شعب الساحل. أنا من شعب الداخل.
هل هناك شعب وشعب بهذين الاسمين في مصر؟
لست وحدي الذي يقول ذلك.
زميلي الصحفي الكاتب المرموق الأستاذ/ فراج إسماعيل كتب عن الشعبين في صفحته على فيسبوك يوم 22 يوليو، ضمن ما كتب، يقول:
[“الدولة الأخرى التي تقع في الساحل الشمالي بكل منكراتها وانحرافاتها وحفلاتها ومطربيها وانكشاف نسائها وعريهن وجرأتهن.. هل تشعر بآلام مصر الفقيرة ومعاناة شعبها اليومية في سبيل لقمة العيش؟”]
أنا وفراج نتحدث، بإشارتينا إلى شعب الساحل، عن المنتجعات التي شهدت القبلات الساخنة والإيماءات الخارجة على الدين والتقاليد من معجبات المغني اللبناني راغب علامة خلال حفل قريب له، والتي دفعت نقيب المهن الموسيقية مصطفى كامل إلى “إيقاف التصريح له بالعمل داخل مصر” لحين مثوله للتحقيق بمقر النقابة.
الساحل الشمالي مشئوم من يومه.
سنة 1974 قررت حكومة الرئيس أنور السادات، رحمه الله، تطبيق ما سمته سياسة الانفتاح، وهو ما وصفه الكاتب الكبير الراحل الأستاذ/ أحمد بهاء الدين في مقال بالصفحة الأولى في الأهرام، التي كان يرأس تحريرها، بأنه انفتاح “سداح مداح” مما اثار عليه ثائرة النظام.
يذكرني الزميل الصحفي الكاتب المرموق الأستاذ/ سعيد الشحات في مقال حديث له بأن بهاء الدين نشر المقال الغاضب يوم 12 يوليو 1974.
كان نظام السادات قد روج لسياسة الانفتاح بأنها نقيض سياسة “الانغلاق” التي طبقها سلفه الراحل الرئيس جمال عبد الناصر.
وقال السادات إنه بهذه السياسة يحارب “اشتراكية الفقر بتاعة عبد الناصر”.
في تقدير كتاب ومحللين كبار أن السادات لم يكن ينقل البلاد من اشتراكية عبد الناصر إلى الرأسمالية، إنما كان يرفع لافتة ضخمة يدخل من تحتها اللصوص ومعهم قليل من المستثمرين الجادين من مصر والدول العربية والأجنبية.
وفي غياب خطة فعلية للتنمية الاقتصادية الرأسمالية صار الساحل الشمالي بعد سنوات وجهة لاستثمار الفوائض المالية المتدفقة من ناتج عمل ملايين المصريين في الخارج.
وصار بعض توافه الناس، وكثير من اللصوص، يملكون قصورا فخمة ضخمة في الساحل الشمالي تزيد ربما 20 مرة على الحاجة إلى قضاء أسابيع على شاطئ البحر في الصيف.
ليس فراج اسماعيل وحده هو من يتحدث معي عن قسمة مصر على اثنين: الساحل والداخل.. الثراء الفاحش والفقر القاتل.
دفعتي وصديقي الأستاذ/ يوسف القاضي يطالب الصفوة في منتجع العلمين، أو العالمين، في منشور بصفحته على فيسبوك بأن يحنوا على الجوعى أرباب المعاشات في الداخل.
صديقي الكاتب المرموق الأستاذ/ محمد سعد عبد اللطيف مضى إلى أبعد مما وصلت إليه أنا وفراج إسماعيل.
هو يحذر في مقال بصحيفة “الأسبوع” من أن شعب الساحل وشعب الداخل صار ظاهرة مرعبة امتدت إلى كل الأرجاء التي يمكن أن تمتد إليها عندما انعزل الأثرياء في أماكن خاصة بهم للسكن والتعليم والترفيه والعلاج.
عبد اللطيف يسمي هذه الطبقة المتنامية منذ سنوات طويلة “الطبقة الجيو-ديمغرافية”. وإذا كان لي أن أترجم هذا المفهوم فهو “الطبقة الجغرافية-السكانية”.
(الصورة لواحدة من بنات شعب الساحل تطبع قبلة على خد راغب علامة في حفل صاخب)
محمد عبد اللاه