د.حسن العاصي يكتب:موت الصحفيون في غزة جوعاً.. انهيار قواعد القانون الدولي

توجد مقولةٌ شائعةٌ في أوساط العاملين بوسائل الإعلام حول عدم رغبة الصحفيين في أن يكونوا هم محور القصة. ولكن في هذه الحالة، يرتبط الصحفي بالقصة ارتباطاً وثيقاً في معركته للبقاء. وقد يؤثر ذلك بشكل خطير على كيفية سرد القصة الأوسع لمحرقة غزة. لقد أعربت شركات الإعلام الكبرى، ووكالات الأنباء العالمية التي لها مراسلون في غزة عن قلقها البالغ بشأن موظفيها المحليين العاملين هناك. وحذّرت من رؤية “زملاء يموتون جوعًا”. ونظراً لمنع إسرائيل للصحفيين الدوليين من دخول القطاع، أصبح الصحفيون الفلسطينيون هم الوحيدون القادرون على تقديم التقارير من الميدان في منطقة الحرب. لأشهر عديدة، كان هؤلاء الصحفيون الفلسطينيون المستقلون بمثابة عيون وآذان العالم على أرض غزة. وهم يواجهون الآن نفس الظروف القاسية التي يواجهها أولئك الذين يغطونهم. حيث يعاني الصحفيون من الحرمان والمصاعب في مناطق العدوان. والآن أصبح خطر المجاعة أحد هذه المخاطر.
تم إغلاق المطابخ المجتمعية في غزة بشهر مايو/نيسان 2025 نتيجة نقص الموارد بسبب منع إسرائيل دخول الطعام. وكانت فكرة المطابخ المشتركة قد نشأت نتيجة شح الغذاء وارتفاع الأسعار ارتفاعاً كبيراً. ويكاد يكون من المستحيل العثور على غاز الطهي، وحتى حطب الوقود باهظ الثمن. وفقدت العديد من الأسر إمكانية الحصول على الغذاء، بل وفقدت أيضاً الوسائل اللازمة لإعداده. هذه المطابخ لا تقتصر على كونها مصدراً لتوفير الغذاء، بل تُعدّ أيضاً شريان حياة يضمن بقاء الناس على قيد الحياة. لكن هذه المطابخ أُجبرت على إغلاق أبوابها بعد نفاد الإمدادات الغذائية، مما وجّه ضربة قاصمة لجهود مكافحة الجوع المتفاقم في القطاع المحاصر، الذي يعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة.
جوع الصحفيين
ذكرت هيئة الإذاعة الأمريكية ABC وهي شبكة تلفزيونية وإذاعية، أن أحد مصوريها في غزة “لم يعد يملك القوة لحمل كاميرا”. “لقد فقد 34 كيلوغراماً بالفعل”. وهو “بالكاد يستطيع التحدث عبر الهاتف.”
لقد نقلت وسائل الإعلام لأشهر طويلة معاناة الفلسطينيين نتيجة النقص الحاد في الغذاء والإمدادات الأخرى في غزة التي دمرها ومزقها العدوان الإسرائيلي عليها، وقيام الاحتلال الإسرائيلي بفرض قيودًا على إيصالها. وعرضت شاشات التلفزة مشاهد أطفال رضّع يرقدون بصمت على أسرّة المستشفيات، ضعفاء جداً لا يطيقون البكاء بينما تحوم أمهاتهم حولهم، ويشعرون بالعجز لعدم قدرتهم على الرضاعة الطبيعية. كما نقلت تلك الوسائل الإعلامية تقارير عن طالبي إغاثة، يسارعون للحصول على أي طعام يمكنهم الحصول عليه لعائلاتهم ومجتمعاتهم. وبثت بصورة مباشرة عبر الأقمار الصناعية صور قتل الأطفال والنساء، وتدمير الأبنية والمدارس والمشافي فوق رؤوس النازحين الفلسطينيين المدنيين بسبب القصف المدفعي أو بالطيران الحربي الإسرائيلي.
أصبحت هذه القصص ممكنة النشر، ووصلت إلى ملايين المشاهدين في أنحاء مختلفة من العالم بفضل عمل شبكة من الصحفيين ومصوري الفيديو الموهوبين والشجعان الذين يقومون بالعمل الميداني على الأرض داخل حدود غزة نيابة عن الصحفيين الغربيين، نظراً للحظر الإسرائيلي الذي منع دخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى قطاع غزة، وهو أمر غير مسبوق في تغطية الحروب.
والآن يُكافح هؤلاء الصحفيون المتفانين للقيام بعملهم لاستمرار نقل صورة المحرقة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزة..
وقصة مصور هيئة الإذاعة الأمريكية ليست قصةً منفردة، فقد تحدث أعضاء آخرون في نفس فريق، ومن وكالات أخرى عن جوعهم أيضاً. هؤلاء الصحفيون جميعهم غزّاويون، يُغطون أخبارهم، ويعانون ما يتعرض له أهل غزة مع استمرار الإبادة في القطاع.
ناشدت وكالة فرانس برس (AFP)، إحدى أكبر وكالات الأنباء في العالم، الحكومة الفرنسية المساعدة في إجلاء موظفيها. وقال اتحاد صحفيي الوكالة في بيان: “منذ تأسيسها عام 1944، فقدنا صحفيين في صراعات، بعضهم جُرح، وآخرون أسرى”. وأضاف: “لكن لا أحد منا يتذكر رؤية زملاء يموتون جوعًا”.
وأعربت قناة الجزيرة، المحظورة من العمل في إسرائيل، عن هذه المشاعر في اليوم التالي: “يتحمل المجتمع الصحفي والعالم مسؤولية جسيمة؛ من واجبنا أن نرفع أصواتنا ونحشد كل الوسائل المتاحة لدعم زملائنا في هذه المهنة النبيلة”، هذا ما صرّح به المدير العام للشبكة، مصطفى سواق، في بيان. وأضاف: “إذا لم نتحرك الآن، فإننا نخاطر بمستقبل قد لا يبقى فيه أحد ليروي قصصنا”.
لقد انهار أحد صحفيي الجزيرة واسمه “أنس الشريف” على الهواء مباشرة عندما انهارت امرأة خارج مستشفى خلفه. في الفيديو، يُسمع فلسطينيون آخرون يقولون له: “استمر يا أنس. واصل التغطية”. أنتم صوتنا.
لماذا تعتمد وسائل الإعلام الأجنبية على الصحفيين داخل غزة؟
وقّعت أكثر من ١٠٠ منظمة إنسانية دولية بتاريخ 23 يوليو/ تموز 2025 من بينها أطباء بلا حدود وأوكسفام وإنقاذ الطفولة، بياناً يُنذر بأن غزة على شفا “مجاعة جماعية “.
فيما تنفي إسرائيل باستمرار مزاعم تورطها في تأجيج أزمة الجوع في غزة، بل تُلقي باللوم على حماس في الوضع، وتصف روايات هذه الظروف داخل القطاع بأنها دعاية. ومع ذلك، فإن إسرائيل، برفضها التقارير الواردة من القطاع، لا تسمح لوسائل الإعلام الدولية بدخول غزة لجمع المعلومات والتحقق منها بشكل مستقل.
يمكن العثور في غزة على العديد من الأطفال وبعض البالغين في حالة هزال شديد ومهددين بالموت جوعاً بسبب نقص الطعام، في بعض المراكز الطبية القليلة التي ما زالت تعمل.
تمنع الحكومة الإسرائيلية زيارات ودخول الصحفيين الأجانب والغربيين منذ بداية الحرب. وتدّعي إسرائيل أنها “تمنعهم من الدخول” حرصاً على سلامتهم. ولم يُسمح للصحفيين بالدخول إلا تحت الإشراف المباشر للجيش الإسرائيلي – زيارات مُحكمة المراقبة ومُخطط لها، حيث لا يُسمح لوسائل الإعلام عموماً بالتفاعل مع السكان المحليين. الهدف من هذه الزيارات يكون دعائياً أو لتقديم رواية رسمية حول العمليات العسكرية، وليس لتغطية مستقلة.
ومع أن جدوى هذه الزيارات الصحفية محل شك، إلا أن هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC) تقدمت بعدد من الطلبات للانضمام إلى ما يُسمى “الزيارات المُلحقة” – لكنها لم تُمنح هذه الفرصة، في حين تُمنح هذه الزيارات وسائل الإعلام الأمريكية وبعض الوسائل الأوروبية الكبرى.
أصبحت هذه الزيارات المُلحقة أقل انتظاماً منذ وقف إطلاق النار الأخير – ويُعتقد أن آخرها كان عندما اصطحب الجيش الإسرائيلي مجموعة من الصحفيين إلى مجمع المستشفى الأوروبي في خان يونس في أوائل يونيو/حزيران 2024. يمكن مقارنة هذا بالوضع في أوروبا الشرقية، حيث يُمكن للصحفيين الدوليين العمل داخل معظم أنحاء أوكرانيا.
تحاول رابطة الصحافة الأجنبية، التي تمثل وسائل الإعلام الدولية العاملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، الطعن في قيود الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة العليا في إسرائيل، وهي عملية تعثرت مراراً وتكراراً بسبب التأخيرات والتأجيلات. مع كل ذلك، تعتمد وسائل الإعلام الأجنبية على الصحفيين الفلسطينيين داخل غزة للمساعدة في نقل أحداث هذه الحرب.
وإذا كانوا الآن يكافحون للنهوض من فراشهم يومياً، غير قادرين على حمل كاميراتهم وميكروفوناتهم – ناهيك عن مشاكل الاتصال الحادة في القطاع التي تعيقهم عن نقل الصور والفيديو إلى العالم – فهذه مشكلة بالغة. على الرغم من العدد المرتفع للغاية للقتلى في الغارات الجوية الإسرائيلية خلال العدوان، والذي تقدره لجنة حماية الصحفيين باستشهاد 186 منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. لذلك قد تصبح رواية قصة حرب غزة ونقلها إلى العالم أكثر صعوبة.
لقد فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على القطاع في مارس/آذار 2025، حيث أوقفت جميع الشاحنات المتجهة إلى الأراضي المحتلة لما يقرب من ثلاثة أشهر في محاولتها الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. مع إصرارها على وجود إمدادات كافية للسكان، اضطرت إلى السماح بتخفيف جزئي لهذا الحصار على المواد الأساسية، بما في ذلك الدقيق وحليب الأطفال.
طورت إسرائيل نموذجاً جديداً لإيصال المساعدات الخاصة، حيث نصبت مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) موزعاً للغذاء وغيره من المواد، وأعلنت أنها ستتجاوز قنوات الأمم المتحدة القائمة، التي قالت إن حماس استولت عليها. ومع اقتراب سكان غزة من المجاعة الجماعية أكثر فأكثر، منعت الحكومة الإسرائيلية الأمم المتحدة ووكالات أخرى من توزيع الغذاء في غزة، واستبدلتهم بمقاول جديد غامض.
تقول وزارة الصحة في غزة والأمم المتحدة إن أكثر من 2000 فلسطيني قُتلوا في إطلاق نار بالقرب من مواقع منظمة الإغاثة الإنسانية العالمية وقوافل الشاحنات – وهي أرقام تنفيها منظمة الإغاثة الإنسانية العالمية والجيش الإسرائيلي، على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية لا تُصدر بياناتها الخاصة عن الضحايا في هذه المواقع.
لا تنكر وكالات الإغاثة وجود بعض الإمدادات داخل الحدود، لكنها تتهم القوات الإسرائيلية بجعل إيصالها عبر القطاع أمراً بالغ الصعوبة، ورفض ضمان مرور آمن للقوافل. كما عرضت مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية (GHF) توفير خدماتها الأمنية الخاصة لمساعدة سكان القطاع.
تُعدّ الأزمة التي نتجت عن كل هذا، و21 شهراً من القصف الجوي والمدفعي، واحدةً من أكبر وأهمّ قصص القتل والتدمير والتجويع في العالم. لكن ربما سيصعب سردها، إذا مات الصحفيون جوعاً، إذ يُكافحون لمساعدة وكالات الأنباء العالمية في سردها ونقلها إلى العالم.
حذر صحفيون مستقلون يعملون لصالح وكالات أنباء دولية من أن الجوع ونقص المياه النظيفة يؤديان إلى المرض والإرهاق قبل الموت جوعاً. وقالت مجموعة من الصحفيين العاملين في وكالة فرانس برس هذا الأسبوع إنه “بدون تدخل فوري، سيموت آخر الصحفيين في غزة”. وقام مصور يعمل لدى وكالة فرانس برس بإرسال رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي نهاية الأسبوع، قال فيها: “لم أعد أملك القوة للعمل في الإعلام. جسدي نحيل، ولا أستطيع العمل بعد الآن”.
انهيار النظام الأخلاقي
كتب طياران متقاعدان من سلاح الجو الإسرائيلي في الطبعة العبرية لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن “عضواً في الكنيست تفاخر بأن أحد إنجازات الحكومة الإسرائيلية هو القدرة على قتل 100 شخص يومياً في غزة دون أن يُصدم أحد” (مقتطف من مقال هآرتس في صحيفة نيويورك تايمز). واضافا إننا نتجاهل انهيار النظام الدولي الذي حدّد حياتنا لأجيال، مُعرّضين أنفسنا جميعاً للخطر.
لقد بدأ هذا الانهيار بعجز العالم الليبرالي عن كبح جماح عدوان إسرائيل على غزة. وتصاعد عندما لم يُحرّك أحد ساكناً لوقف قصف المستشفيات. والمدارس ودور العبادة واتسع نطاقه عندما أصبح التجويع الجماعي سلاحاً من أسلحة الحرب. ويبلغ هذا الانهيار ذروته في وقتٍ لم تعد فيه الحرب الشاملة تُعتبر مكروهاً بشرياً، بل أصبحت سياسةً متعمدةً من قِبَل دولة إسرائيل.
إن تداعيات هذا الانهيار عميقة على السياسات الدولية والإقليمية. لكن القواعد تتزعزع تماماً عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، التي انتهكت في مارس/آذار 2025 أيضاً وقف إطلاق النار الذي ساعدت إدارة ترامب في التفاوض عليه في يناير/كانون الثاني. والآن نشهد مستوى جديداً من القسوة: استخدام التجويع كسلاح حرب. في غضون ذلك، يدعو السياسيون الإسرائيليون علناً إلى التطهير العرقي. تباهى “بتسلئيل سموتريتش” وزير المالية اليميني المتطرف، بأن إسرائيل “تدمر كل ما تبقى من قطاع غزة” وأن “الجيش لا يدخر جهداً في ذلك”. وأضاف: “نحن نغزو ونطهر ونبقى في غزة حتى تُدمر حماس”. ومفهومه عن حماس واسع النطاق. وأوضح: “نحن نقضي على الوزراء والبيروقراطيين وتجار الأموال – كل من يدعم حكم حماس المدني”. إن قتل أعضاء الحكومة المدنيين (لأنهم ليسوا مقاتلين) جريمة حرب. ومرة أخرى، لا تفعل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي شيئاً.
أدى هذا التحول المطرد في الممارسات المقبولة إلى سياسات وممارسات إجرامية للتهجير القسري والمعاناة الجماعية والإبادة الجماعية، وكلها تُرتكب في ظل صمت سلبي أو تواطؤ نشط من دول قوية. حتى الصليب الأحمر، الذي عادةً ما يكون صامتاً، يُعرب عن رعبه. صرحت “ميريانا سبولجاريك إيغر” Mirjana Spoljaric Egger رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمراسل بي بي سي “جيريمي بوين” Jeremy Bowen: “الإنسانية تنهار في غزة”. وأعربت عن أسفها قائلةً: “إن مشاهدة شعب يُجرد تماماً من كرامته الإنسانية أمرٌ لا بد أن يُصدم ضميرنا الجماعي”. ومع ذلك، فإن الغضب الرسمي خافت في أحسن الأحوال، إذ يتلاشى كل ما كان يُعتبر يوماً ما راسخاً مؤسسياً.
إسرائيل مفارقة تاريخية
ما الذي يُمكّن إسرائيل من الإفلات من العقاب على جرائم القتل؟ لطالما حمت الولايات المتحدة إسرائيل من الانتقادات الدولية ودعمتها عسكرياً. وتتراوح الأسباب المُقدمة لهذا الدعم عادةً بين الرابطة “الثابتة” بين البلدين، ونفوذ لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) AIPAC في واشنطن. ويمكن للمرء أن يجادل بأن الشيء الوحيد المختلف في هذه الحرب الحالية هو نطاقها.
ولكن الأمر لا يقتصر على واشنطن فحسب، فإسرائيل وقضية فلسطين تُسببان انقسامات حادة للغاية في معظم أنحاء العالم الغربي. فقد منعت الدنمارك مؤخراً الأطفال الذين يستعدون للتصويت في انتخابات شبابية وطنية من مناقشة السيادة الفلسطينية. لماذا؟
في حوار مع “عزرا كلاين” Ezra Klein من صحيفة نيويورك تايمز، قدمت أستاذة القانون الدولي لحقوق الإنسان الأمريكية “أصلي بالي” Asli Bali تفسيراً واحداً لما يميز فلسطين. وتشير إلى أنه في عام 1948 كانت فلسطين “الأرض الوحيدة التي كان من المقرر إنهاء استعمارها عند إنشاء الأمم المتحدة… والتي لم يتم [حتى الآن] إنهاء الاستعمار”. باختصار، إسرائيل مفارقة تاريخية. كانت جنوب أفريقيا في يوم من الأيام ضمن هذه الفئة. لعقود، اعتُبرت فلسطين وجنوب أفريقيا “مثالين مستمرين على إنهاء الاستعمار غير المكتمل، استمرا طويلاً بعد انتهاء الاستعمار الكامل في بقية العالم”. اليوم، تُعدّ فلسطين الاستثناء الأخير لتلك العملية التاريخية – إرثٌ واضحٌ تماماً للشعب الذي خضع للاستعمار في السابق، لكن العالم الغربي يرفض الاعتراف به كشذوذ. بعبارة أخرى، بالنسبة للكثيرين في الولايات المتحدة ومعظم العالم الغربي، يُفهم إنشاء دولة إسرائيل على أنه تحقيق للتطلعات القومية اليهودية. بالنسبة لبقية العالم، فإن تحقيق التطلعات القومية اليهودية نفسه جعل إنهاء الاستعمار في فلسطين غير مكتمل.
في عام 2003، كتب المؤرخ البريطاني “توني جودت”Tony Judt أن “مشكلة إسرائيل هي أنها وصلت متأخرة جداً. لقد