د. فيروزالولي تكتب :نريد دولة… مش كومة

نعم، نريد دولة. لا نريد معجزة، ولا نحلم بمستقبل وردي على طريقة ديزني، فقط نريد شيئًا بسيطًا جدًا: دولة.
مش كومة ناس متسلطة، ولا عصابات تتقاسم الغنائم، ولا تجار حروب يتبادلون السلام في فنادق خمس نجوم بينما أطفالنا ينامون تحت الأنقاض.
نريد دولة فيها مستشفى يُعالج لا يُعدي.
نريد مدرسة تعلّم لا تفرّخ جهل.
نريد جامعة لا تكون مزرعة لأبناء المسؤولين.
نريد طريق معبّدة لا تنقلب فيها السيارات كل يوم وتُنقل الجثث بعبارة “حادث عرضي”.
نريد راتبًا يغني عن سؤال الناس، لا عن سؤال النفس: “هل أشتري خبز ولا علاج؟”.
نريد دولة… تدفعنا للعيش لا للهجرة.
الدخل؟ يا سادة، نريد حدًا أدنى لا يجعلنا نتسول، نريد ٣٠٠٠ دولار للفرد؟
أجل، لماذا لا؟
نحن لا نطالب أكثر مما يحصل عليه كلب مدلل في أوروبا، بل نطالب بمستوى الجار الذي كان يومًا يتغزل بنا.
نحن أصحاب الأرض والحق والثروات، لكننا آخر من يأكل، وآخر من يُعالج، وآخر من يُحاسب القاتل.
نريد أمن وأمان، لا أمن مركزي وأمان للنافذين فقط.
والضرائب؟ ندفعها، بس بشرط: تعطونا دولة أولًا.
لا نريد دفع ضريبة لدولة لا تضيء شارعًا ولا تحمي طفلًا ولا تعلّم بنتًا ولا تُحاسب مسؤولًا.
أما القضاء؟
يا الله على القضاء!
تحوّل إلى “قضاء وقدر”… إذا كنت فقيرًا فأنت مذنب حتى لو كنت نائمًا في بيتك، وإذا كنت متنفذًا فدمك طاهر ولو قتلت ألف بريء.
المعتقلات؟
سجوننا مفتوحة أكثر من مدارسنا.
فيها شباب أذنبوا لأنهم قالوا “لا”، وفيها نساء لا أحد يعرف لماذا خُطفن، وأطفال كأنهم مشاهد من فيلم وثائقي عن كوريا الشمالية.
أما القيادات السابقة؟
نحيلوهم للتقاعد… أو للمحاكم، حسب ما تثبت الوثائق.
من تلطخت يده بالدم اليمني، يجب أن يذوق ما ذاقه الشعب. لا أحد فوق القانون. القانون فوق الجميع، بس مش كما تفهموه أنتم: “فوق المواطن وتحت المسؤول”.
يا سادة…
لسنا شعبًا كسولًا ولا جاهلًا، بل شعب أنهكته الحروب، وخرّبته قيادات تعتبر الكرسي أهم من الوطن.
نريد نعيش مثل البشر، نريد دولة… مش كومة.