حسام السيسي يكتب :بين “الطريقة الغزاوية” و”مؤتمر حل الدولتين”: أمة باعت روحها واشترت الخذلان

بينما كان فتى في غزة يفتح باب ناقلة جند إسرائيلية ليزرع عبوة، كانت أبواب برعاية عربية تُفتح بالمقابل لمشروع “حل الدولتين” بشروط العدو:
دولة فلسطينية “منزوعة السلاح”
ومقاومة فلسطينية منزوع عنها حتى الحق في الدفاع عن نفسها
ومحتل لم يُنزع منه شيء، لا سلاح، ولا كذب، ولا أطماع.
هل هذا توازن؟
أم مشهد من مشاهد السُخرة السياسية، التي صار فيها بعض العرب وسطاء باسم العدو، لا وسطاء باسم القضية؟
نزع السلاح: الترجمة العربية للنكبة الثانية
من رام الله إلى العواصم العربية المترفة، تردّد صوت خافت خجول أو متواطئ بوقاحة يهمس في آذان الغربيين:
“نحن مع الحل السياسي… فقط، أوقفوا هذه الصواريخ.”
“نحن نؤيد المقاومة… ولكن السِلمية منها فقط.”
“نحن نحب فلسطين… ولكن لا نحب من يقاتل باسمها.”
أي سلام يُبنى على نزع سلاح الضحية؟
أي دولة تنشأ على مقايضة الأرض بالكرامة، والحدود بالصمت، والمقدّسات بالخضوع؟
وهل هناك حقًا “دولتان” في هذا العالم يمكن أن تعيشا جنبًا إلى جنب، إذا كانت إحداهما تطالب بنزع قلب الأخرى؟
مؤتمر حل الدولتين… بنسخة الغاز المُسال
لم يعد أحد يتحدث عن القدس، ولا عن اللاجئين، ولا حتى عن الحصار.
صار الحديث الآن عن: — مشاريع إعادة الإعمار مقابل التهدئة
تسهيلات اقتصادية مقابل نزع السلاح
صفقة غاز هنا، وميناء هناك، وقليل من الإسمنت والتمويل الخليجي مقابل صمت طويل المدى.
هل هذه صفقة أم جنازة؟
هل هو مؤتمر سلام أم اتفاق استسلام موقّع على أعقاب أطفال قُطعت أطرافهم تحت القصف؟
غزة لا تطلب الشهادة… هي تُجبر عليها
الفارق بين الفعل العربي الرسمي، والفعل الغزّاوي المقاوم، هو أن الأول يفاوض ليعيش ولو ذليلاً، والثاني يقاتل ليعيش كريمًا أو يموت شهيدًا.
غزة لا تحتفل بالموت.
لكنها لا تهاب الموت حين يصبح الثمن هو التنازل عن الكرامة.
بينما يبحث العرب عن “ضمانات أمريكية” و”إجماع دولي”، كان المقاوم الغزاوي يكتب بدمه ما لم تستطع كل بيانات الجامعة العربية كتابته:
“نحن لا نسقط السلاح، بل نسقط الهيبة الزائفة لأعتى جيش في المنطقة.”
مقاومة تُترجم القرآن… وأنظمة تترجم شروط العدو
الكاتب الاردني عبد الهادي راجي المجالي كتب ما يشبه شهادة انتماء جديدة، لا لمذهب فقهي، ولا لراية سياسية، بل لما سمّاه بـ**”الطريقة الغزاوية”**.
طريقة لا تمرّ على أبو ظبي أو عمّان أو القاهرة، بل تمرّ من تحت الأرض، من خلال النفق، وتخرج بلحظة تفجير تخلخل التوازن الكاذب.
في مقابل هذه “الطريقة”، تقف اليوم أنظمة فقدت حتى القدرة على الشعور بالخجل، وتستقبل وزراء الاحتلال باسم الواقعية، وتناقش “حل الدولتين” وهي لم تستطع فرض كرامتها حتى في إعلامها الرسمي.
في النهاية
أي مؤتمر لا يبدأ من حق غزة في أن تحيا مقاتلة لا خانعة، هو مؤتمر فاشل قبل أن يُعقد.
وأي مشروع “دولة” لا يتأسس على سلاح المقاومة، هو ليس دولة بل سجن جديد تحت علم جديد.
الذين يطالبون بنزع سلاح غزة، لا يريدون السلام.
بل يريدون أن يروا آخر مظاهر الرجولة في هذه الأمة تُركّع، وتُجبر على التسوّل بإسم الدبلوماسية.
لكن فتى الشجاعية قال كلمته:
فتح الباب، وضع العبوة، عاد بقميصه الخفيف…
ثم ترك للمؤتمرين أن يتابعوا نشر البيان الختامي.