كبرتُ يا أمي…..بقلم محمد ضياء الدين بوعمامة

كبرتُ يا أمي،
وصرت أكتب الشعر والقصائد،
كبرتُ، وكبرتْ معي أحزاني.
صرت أنظر لنفسي في المرآة،
وأرى صورة شابٍ في عينيه خوف،
أرى نفسي اثنين:
واحدٌ لا يزال يحتفظ بالقليل من الأمل،
وآخرُ يحتفظ بالكثير من الألم.
نضجتُ يا أمي،
ولم تعد تروقني الأشياء
التي كانت تروقني في الصغر،
كلعبِ كرة القدم دون النظر إلى الساعة،
الجلوس مع الأصدقاء لساعاتٍ طويلة،
الدقّ على أبواب الجيران والهرب،
ممارسة الشغب داخل المدرسة،
السير في الشوارع، وإزعاج الناس بالأصوات العالية.
كل هذا لم يعد يروقني،
أصبحت أكثر هدوءًا،
لا أحب الضجيج، ولا الأصوات العالية،
أمقت ضوضاء البشر بشدة،
وأهرب من التجمعات
كهروب الفريسة من الصياد.
صرت أبتعد عن الأشخاص الثرثارين،
الذين يتناولون مواضيع مقززة،
وجُلّ أحاديثهم عن الناس.
نضجتُ يا أمي،
حتى إنني
صرت لا أشتكي لكِ حالي،
فكلما بكى قلبي،
مددتُ له ورقة وقلمًا،
وقلتُ له:
“اكتب يا ولدي،
لعلّك تتجاوز بعضًا من النكبات.”
صرتُ تائهًا أكثر،
لأني كنت أعتقد بأن الدنيا
ليست بهذا التعقيد.
كبرتُ يا أمي،
وكبرتْ أحلامي، وتوسّعت أفكاري،
وزاد الوعي،
وياليتني بقيتُ صبيًا طائشًا…
يلعب، يتسخ، يستحم، وينام،
خفيفًا لا يحمل أي همّ.