على طاولةِ التشريحِ …..بقلم أماني الوزير

أنا…
نصفُ ظِلٍّ،
ونصفُ امرأةٍ كانت تُضيءُ عندما تُحبّ،
وتَحتَرِقُ كُلَّما اقتربتْ من صَدرِكَ أكثرَ ممّا ينبغي.
أراكَ في المنامِ،
ثم أفتحُ عينيَ على أنقاضِكَ،
أُرتّبُ سريري بحذرٍ
كي لا ينهارَ شيءٌ داخلي… فجأةً.
أُفَتِّشُ عنكَ في الثلّاجة،
في الجيبِ الداخليّ لمعطفٍ لا ألبسُه،
وفي رسالةٍ لم أُرسِلْها… وإنْ أرسَلْتُها.
أجلسُ على طاولةٍ خشبيّة،
كأنّني مِلَفٌّ طبيّ،
كأنّني ورقةُ أشعّة،
كأنّني أُنثى من ورقٍ مبلولٍ…
تنتظرُ تقريرَ تشريحِها الأخير.
أتَعرِف؟
لم أعُدْ أُريدُ أن أكتب، لأنّ القصيدةَ -أصبحتْكَ –
كُلُّ سطرٍ مِنْكَ ينهشُني،
كلُّ استعارةٍ تُذكّرُني بفشلي في الحفاظِ عليكَ،
لأنّكَ “لا تُريد” التلميحَ أو التلويحَ باسمِكَ في سطرٍ يَقتَرِفُكَ بكُلِّ حبٍّ، كأنّه “خطيئة” قد تُوصِمُكَ بالعار.
كلُّ مَجازٍ كان يَحنو على نفسي البريئةِ من كلِّ ذَنبٍ،
تَمَّ نَسبُه إليَّ عَمْدًا في المُوَارَباتِ الّتي قد تَشي بفِتنةٍ “تُشبهُكَ”.
وبِكُلِّ الحرامِ المُقدّس، حين قُلتُ في عُمقِ المعنى:
“أنا بخيرٍ دون أن أكون.”
أنا لم أكن بخير.
ولا كنتُ قويّة.
ولا سامحتُكَ.
أنا فقط،
وضعتُكَ في قارورةٍ صغيرة،
ورميتُ بكَ إلى البحر،
كمنْ يرمي سِرًّا لا يُحتَمَل.
والآن…
أشتاقُكَ،
نعم، لكن ليس كما تُحبّ.
أشتاقُكَ كما تشتاقُ اليدُ لأصابِعِها بعد البتر.
كما يشتاقُ المِقصُّ لوردةٍ لم يَذبحْها بعد.
كما يشتاقُ الليلُ لنجمٍ سقط،
ولم يتركْ عنوانًا.
في الغد…
سألبسُ فُستاني الأبيض،
سأذهبُ إلى المقبرة،
سأضعُ لكَ الزهور،
وأدفنُ القصيدةَ معكَ.
لكنكَ لن تموت.
أعرف.
لأنني، ببساطةٍ…
لم أعشكَ بعد.