كتاب وشعراء

منفى العيون …..بقلم مريم أبو زيد

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

فِي مَنْفَى الْعُيُونِ أُرَكِنُ أَحْزَانِي عَلَى جِدَارَانِ غُرْبَتِي
وَأُرَمِمُ صَمْتِي بِبَعْضِ الذِكْرَيَاتِ الْهَارِبَةِ
فَكُلُ الْجِهَاتِ تُنْكِرُنِي، إِلاَّ عَيْنَيْكَ
وَطَنٌ لاَ يَزَالُ يَعْتَرِفُ بِي
أَسِيرُ عَلَى رَصِيفِ الاِنْتِظَارِ الْمَثْقُوبِ
أَتْبَعُ ظِلَكَ كَأَنِي أَلْتَمِسُ وَجْهِي الْمَكْسُورَ فِيكَ
وَأَسْأَلُ اللَّيْلَ: كَمْ بَقِيَ مِنِي هُنَاكَ؟
وَكَمْ ضَاعَ فِيكَ؟
أُرْسِلُ دُمُوعِي قُرْبَانَ وَجَعٍ قَدِيمٍ
عَلَهَا تَرْوِي صَحْرَاءَ شَوْقِي الْيَابِسَةَ
فَالْوَقْتُ غَرِيبٌ، وَكُلُ شَيْءٍ تَغَيَر
حَتَى دَقَاتُ قَلْبِي لَمْ تَعُدْ تُشْبِهُنِي
فِي كُلِ حُلْمٍ، تَدْخُلُ عَيْنَاكَ بِهَدُوءٍ
تُضِيئَانِ عَتْمَتِي كَأَنَكَ تَأْتِينِي صَلاَةً لاَ طَيْفاً
وَتَمْضِي، تَتْرُكُنِي أَرْتَجِفُ كَمَنْ خَرَجَ لِتَوِهِ مِنْ عُمْرٍ آخَرَ
أَرَاكَ فِي دَاخِلِي قَبْلَ نَوْمِي
وَأَسْمَعُكَ فِي هَدِيرِ وَحْدَتِي
كَأَنِي أُنَادِيكَ بِقَلْبِي، وَأَنْتَ تُجِيبُنِي فِي الصَمْتِ بِذَاتِ النَظْرَةِ الَتِي لاَ تَمُوتُ
يَا مَنْ غِبْتَ عَنِي كَالشَمْسِ فِي مَنْفَى الْغَيْمِ
أَيُ حُبٍ هَذَا الَذِي يَنْبُتُ فِيّ رَغْمَ الْمَوْتِ الْمُتَكَرِرِ فِي الْغِيَابِ؟
مَا زَالَتْ عَيْنَاكَ تَقِيمَانِ بِي كَغَيْمَتَيْنِ تَعْبُرَانِ ذَاكِرَةَ الضَوْءِ
فَلاَ وَجْهِي يُغَادِرُهُمَا، وَلاَ زَمَنِي يَنْجُو مِنْ رَجْعِ ابْتِسَامَتِكَ
هَا أَنَا، عَلَى أَرْصِفَةِ الْوَجَعِ، أَطْوِي رُوحِي
أَحْمِلُ غُرْبَتِي عَلَى كَتِفِي، وَأَمْشِي إِلَيْكَ
دُونَ خَارِطَةٍ إِلاَّ تِلْكَ النَظْرَةَ الَتِي تَرَكْتُهَا مَرَةً فِي عَيْنَيَ ثُمَ مَضَيْت…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock