زئير الصمت…..بقلم مها السحمراني

في ظلّ الغابةِ
تَجلسُ الهيبةُ على عرشٍ من صمتٍ
لا تُلوّحُ للريحِ
ولا تشرحُ أسبابَ وقارِها
ثمة ضجيجٌ في البعيدِ
أصواتٌ تتكاثرُ كالعُشبِ
تَصرخُ
لكن لا تتركُ أثرًا في الأرضِ
ولا تسكّنُ خوفًا في قلبٍ ثابتٍ
العظمةُ لا ترفعُ صوتها كي تُرى
هي تُرى
لأنّها لا تحتاجُ أن تُشير
ما بين زئيرٍ واحدٍ
يُربكُ اتساعَ الوادي
نباحٌ لا يحصي إلا تردادَه
مسافةٌ لا تُقطَعُ بالحناجر
من يمشي بثقلِ الفهمِ
لا يلتفتُ لمن يركضُ خلفَ صدى
من عرف نفسهُ
لا يشرحها
ومن ارتوى من عمقِه
لا يطلب كأسًا من المديح
ليس كلُّ من علا صوتُه
قد سمعه الزمنُ
وليس كلُّ من صمت
كان غائبًا عن المعنى
ثمة رجالٌ يمشون بيننا
كأنهم من طينٍ آخر
لا يُفسدهم المديح
ولا تُغريهم المعارك الصغيرة
عينُهم إلى الداخل
حيث السكونُ مملوءٌ
بشرارةٍ لا تُرى
الوجوهُ التي تبحث عن مرآة
تضيعُ حين تنكسر الزجاجة
أما الذي يرى نفسه في عتمته
فلا يخاف سقوط الضوء
ليست كلُّ المعارك شريفة
بعضُها ضجيجُ فراغ
والأقوياء
لا يدخلون ساحاتٍ بلا أبواب
لا تُجبر البحرَ أن يردَّ على حجر
ولا الوقتَ أن يتوقف
ليسألَ الأصواتَ من تكون
من يعرفُ وجهته
يمضي، ولو وحده
ويمضي كأنه الأصل
وما حوله… مؤقّت
كان السكونُ
يمضغُ الوقتَ ببطء
كأنّه يعرفُ أن العاصفة
لا تأتي صاخبةً دومًا
بل تمشي على أطراف أصابعها
وعندما نهض الظلّ
اهتزّ الضوء
لا لأنه صرخ
بل لأن الأرض تذكّرت من يسكنها
لم يهدد
لم يلوّح
لكنّ الهواء تغيّر طعمه
والأشجارُ وقفت بلا سبب
كأنها تنتظر صلاةً ما
من جهةٍ أعمق من الصوت
هكذا هو…
حين قرّر أن يقول
قال بجسده
قال بخطوته
قال بالغيابِ عن الجدل
وبالحضورِ في النتيجة
لم يفتح فمه
لكنّ العالم أنصت