متى يقرر الخروف أن يصبح حرّا….بقلم محمد نبيل كبها

في أحد الأيام ذهب الراعي إلى المُراح -وهو مكان مبيت الغنم والخراف- لكي يُوقظها، فصار الراعي ينادي كل خروف بإسمه، فهو يميز الخاروف الكسول من الأعرج، ولكنها كانت نائمة في سُبات عميق، فأيقظ الرّاعي خِرافه بالعصى، وساقها إلى المرعى، وفي الطريق أخذ الراعي يحاور خرافه، ويحدثها عن أعماله وإنجازاته وبطولاته وأي مغنّي يحبه، وأي طعام يشتهيه، وأي فتاه يعشقها، وخِرافه تهز رأسها وتفهم ما يقوله.
ثم قال في نفسه: “ليست الخِراف بحاجه الى إتخاذ قرار، إن الحاجة الوحيدة للخِراف هي الطعام -الماء والغذاء- فما دام الراعي يعرف المرعى الخصب تبقى الخراف صديقه له، وتبقى قريبه منه بإستمرار، وحتى لو كانت الأيام كلها تشبه بعضها بالنسبه للخِراف”.
الخِراف لم تقرأ أي كتاب، وليس لديها الفكر الفلسفي ولا الحد الأدنى من المعرفة، فقط هي تهتم بأمر واحد وهو أن تُعلفها وتُطعمها وتُسقيها، وهي في المقابل ستعطيك صوفها وحليبها، وإن لزم الأمر ستعطيك لحمها، ثم همس الراعي لنفسه: “وإن خطّطت لقتلها لن تدرك ذلك، لأنها تثق بي، أصبحت تثق بي أكثر مما تثق بنفسها وبغرائزها، فأنا من يقودها منذ زمن طويل ويطعمها ويسقيها”، وهكذا إنتهي الأمر بتعلق الخراف بسيدها الراعي.
في النهاية:
الخِراف تبقى دائما في حالة قلق وإضطراب جراء إستبدال راعيها، لكن ماذا لو أن الخِراف أَلِفت غياب الراعي؟ وتمرّدت على أيامها المتشابهة معه! ماذا لو أدركت الخراف الحقيقة؟ حقيقة الأشياء الجميلة والحقيقية في حياتها وفي العالم من حولها؟!
لو أدركت الخِراف الحقيقة لعلمت أن حريتها تماما كحرية الرياح التي تأتي من حولها وتذهب بعيدا، ولأصبح الخاروف حرّا كالريح التي تحمل أحلام الأحرار، وأنا أعلم تماما أن الخروف إذا أدرك الحقيقة سيصبح حائرا بين الراعي والحرية، فمتى يختار الخاروف بين الراعي والحرية؟ ومتى يقرّر الخروف أن يصبح حرّا؟