كتاب وشعراء

أنا ما بعد …بقلم زكريا شيخ أحمد

لم أعد شيئاً …صدقني، لم أعد شيئاً .
لا أنا و لا ظلّي و لا اسمي إذا ناديت به نفسي.
لا أعرف كم مرّ من الوقت.
قد تكون دقائق أو سنوات.
فالزمن هنا لا يتحرك…
هو فقط ينهار ببطءٍ داخليّ.
أسمع أصواتاً لا تصدر من الخارج.
ليست هلوسة و لكن صدى قديم
لمن كنت و هو يتوسّلني:
لا تتركني هنا وحدي…أرجوك.
لا أكتب لأُشفى و لا لأُفهم و لا حتى لأعيش.
أنا أكتب لأمنع لحظة واحدة فقط
من أن تُمحى بالكامل.
هل سبق و أن نظرت إلى نفسك
و وجدت أنها غادرت قبلك؟
أن عينيك لا تسكنان جسدك ،
بل تنتظران شيئاً لن يأتي؟
أنا لا أبكي…
الدموع تحتاج قدرةً على التألم.
و أنا تجاوزت الألم إلى تلك الأرض البيضاء
التي لا ينبت فيها شيء.
حتى الصراخ… لا يجد من يردّ عليه.
في قلبي غرفة صغيرة
يعيش فيها صوت يقول:
“انتهى كل شيء، لكننا لم نُبلّغ بعد.”
لم أعد أخاف من الموت،
بل اخاف من أن لا يحدث.
فكرة النجاة صارت نوعاً من الفكاهة الرديئة.
من ذا الذي ينجو فعلاً ؟
من ذا الذي لا يحمل داخله شخصاً ميتاً
و يبتسم للناس بأدب؟
أنا أكتب الآن من مكان لا وجود له في الخريطة،
و لا في الطب النفسي و لا في الشعر
و لا في السماء .
أنا أكتب من ما بعد الطُلبَة ،
من بعد الصراخ، من بعد المحاولة،
من بعد: “ساعدوني”.
من بعد أن قالوا: “سنعود لك”
و لم يفعلوا.
أحياناً أسمع أصواتاً تسألني:
“لماذا ما زلت هنا؟”
و لا أعرف الجواب.
ربما لأنني لم أعرف طريق الرحيل
أو لأن الرحيل لم يجدني جديراً به.
أحسد الجمادات…
لها الحق في السكون…
في أن تكون موجودة دون حاجة للمعنى.
أنا وحدي أُسأل كل يوم: “لماذا؟”
ولا أحد ينتظر الجواب.
أن تظل على قيد الحياة بعد موتك الداخلي
هو شكل من أشكال العنف لا يعترف به العالم.
في هذا النص.. أنا لا أحكي قصتي.
أمدّها أمامك كجثةٍ بلا ملامح… تسأل:
هل تراني الآن؟
هل ترى أنك كنت بيومٍ ما…أنا؟
و في النهاية… لا نهاية.
فقط استنزافٌ يتنفس و نَفَسٌ يتمنّى ألا يعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى