كتاب وشعراء

قيثارة الوجد…. بقلم مها السحمراني

أنا ابتهالُ الضوءِ في مرايا الغياب
أُصفّف الوقتَ كجدائلِ معنى
وأرتدي الفراغَ وشاحًا مطرزًا
بأسئلةٍ لم تولد بعد
كأنني نُقِشتُ من وشوشات الريح
واستيقظتُ في ذاكرةٍ لا تعرف الزمن
فوق مائدة الصمت
أرتشفُ من كؤوس الغياب
نبيذَ الذكرى
وأقضم لؤلؤ الشعور
بين شفتي الانتظار
عيناي أرخبيلُ رؤى
ترتحل بين مفاهيم بلا جسد
وقلبي ناقوسٌ يقرع في معبد التأمل
تلك اللحظة بين الحرف والعدم
هي مسكني ومحرابي
أمشي على خيوط المعنى
كالنورس حين يسافر في المدى
ولا يهبط
أحمل في معطفي خرائط النسيان
وأزرع على أطرافها
وردةً بلا اسم
لا تسألني من أكون
أنا الفكرة التي لم تُفكّر بعد
أنا ظلُّ التجريد
ودمعةُ الفلسفة حين تختنق
قُبلةُ الترف المتصوف
والحبرُ الذي نسي كيف يُكتب
أنا قيثارة الوجد
إن عزفني العاشق
نزف وجدانُه صدقًا
وإن صمتُّ
أيقظت في روحه
دهشةَ المعنى الأبدي
فلا تبحث عني في الصور
أعيش حيث تكون اللغةُ صلاة
والصمتُ نبوءة.
تنحني اللحظة عند مدّ الظل
كأن الوقت تاه في خاصرة المعنى
والصوتُ
ظلُّ نغمةٍ خائفةٍ من البوح
الفراغ
يمتدُّ كوردةٍ من وهم
تتفتح على كفّ العدم
تسأل الحرف:
من أي طين صيغت الفكرة؟
ومن أي موت وُلد الانبهار؟
المعاني تعرج في سربٍ مكسور
تبحث عن نبضٍ لم يُسمّ بعد
كلّ سؤالٍ
يعبر كريحٍ لم تتعلّم التوقف
وكلّ إجابةٍ
أقلُّ من أن تحتوي الحيرة
القيثارة ليست وترًا
بل اختلال في نبض الوجود
تعزفها الروح على مقامات الغياب
فترقص الأشياء التي لا أسماء لها
وتبكي الجهات الأربع
لا جهة للحن الذي لا يسمعه أحد
ولا لون لصوتٍ خرج من العتمة
لكن كل شيء
يستدير حول الفكرة حين تُخلق
كما يستدير الكوكب حول السر
الوجع الجميل
يختبئ في التفاصيل التي لا تُروى
في لمسة الريح لكتف الماء
وفي نظرة الضوء عندما يتردد
وهناك
في الغرفة المهجورة من المنطق
تجلس القيثارة
وحيدة
تكتب قصائدها على جدران الزمن
بلغةٍ لا يتقنها إلا الصمت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى