فيس وتويتر

رشاد حامد يكتب :إسرائيل تعلن احتلال غزة… التي تحتلها فعليًا منذ سنوات!

يبدو إعلان إسرائيل عن احتلال غزة وكأنه لغز، لأنها تسيطر فعليًا على القطاع. لفهم هذا التناقض، دعونا نفكك “الفزورة”.
– في عام 2005، انسحبت إسرائيل من داخل قطاع غزة، وأعلنت أنها لم تعد مسؤولة قانونيًا عنه. لكن القانون الدولي، لا يزال يعتبرها قوة احتلال بسبب سيطرتها على: المجال الجوي والبحري، الحدود والمعابر، حركة الأفراد والبضائع، السجل السكاني وهويات المواطنين.
وبالتالي، فإن أي احتلال مباشر جديد يعيد تأكيد مسؤولية إسرائيل القانونية، وفقًا لاتفاقيات جنيف، التي تلزم قوة الاحتلال بتوفير: الغذاء والماء والدواء، الكهرباء والوقود، الحماية من التهجير والمعاملة القاسية، السماح بدخول منظمات الإغاثة.
إذن، لماذا تقدم إسرائيل على الاحتلال الكامل؟
الإجابة، إسرائيل تعلم أن الاحتلال المباشر مكلف، لكنها تستخدمه كمرحلة مؤقتة لتدمير حكم حماس، ثم فرض واقع جديد تُحمّل فيه مصر المسؤولية. ومن أبرز المؤشرات: إغلاق المعابر الإسرائيلية بالكامل، خلق أزمة إنسانية خانقة، ترويج خطاب إعلامي يُظهر مصر كالمسؤولة الأولى.
وأهم سلاح لاسرائيل هو الخطاب الإعلامي، وهنا يأتي دور عملاء اسرائيل الذين يلعبون دورًا محوريًا في هذه الخطة، حيث يتم الترويج لسردية تُظهر إسرائيل كأنها “خرجت من غزة”، بينما تُحمّل مصر المسؤولية الكاملة عن الحصار. هذا يتم عبر:
— مظاهرات مرخّصة رسميًا، مثل تلك التي وافق عليها وزير الأمن إيتمار بن غفير.
— رفع أعلام إسرائيل وترديد شعارات مثل: “افتحوا معبر رفح”، “مصر تحاصر غزة”، “غزة تموت ومصر تتفرج”.
— تغييب كلمة “احتلال” تمامًا عن المشهد.
الخطة بدأت منذ اجتياح غزة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث بدأت إسرائيل تنفيذ خطة أعمق من مجرد القضاء على حماس، وهي:
— التخلص من عبء غزة بعد تدمير البنية الحاكمة.
— الظهور بمظهر “المحرر”، بينما تُصوّر مصر كالمعيق.
— إجبار مصر على توسيع معبر رفح ليصبح المنفذ الوحيد.
— فتح الباب أمام وصاية إقليمية تبدأ إنسانيًا وقد تنتهي أمنيًا أو إداريًا.
هذه الخطة تُشبه ما فعلته إسرائيل في جنوب لبنان والجولان، حيث انسحبت تدريجيًا بعد تسليم السيطرة لوكلاء محليين.
مصر تدرك خطورة هذه الخطة وأهدافها، وتتمسك بموقف واضح:
— لا توطين.
— لا تدخل أمني أو إداري.
— لا فتح للمعبر إلا بتنسيق فلسطيني كامل. لأن أي قبول بهذا الدور يعني: تحميل مصر مسؤولية غزة بحكم الواقع، وإعفاء إسرائيل من التزاماتها القانونية، وفتح الباب أمام تهجير الفلسطينيين نحو سيناء.
الخلاصة: حرب الوعي قبل حرب السلاح
ما يحدث في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل معركة على الوعي:
— إسرائيل تحتل غزة فعليًا، لكنها تحاول الظهور كطرف خارجي.
— تُشنّ حملة إعلامية لتحميل مصر مسؤولية معاناة المدنيين.
— يُستخدم الخطاب “الإنساني” كسلاح ناعم يخدم أهدافًا إسرائيلية خطيرة.
تحميل مصر مسؤولية غزة هو خطوة نحو تصفية القضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى