
لا شك في أن الله جل شأنه هو صاحب الفضل الأعظم في السخاء والنعم على عباده، وما الإنسان إلا وسيلة في وصول ذلك الفضل لأخيه الإنسان. وأوجه شكر نعم الله على عبده كثيرة منها: رضا العبد وقناعته بما يملك وعدم الاعتراض على رزقه، وإحساسه الصادق بأنَّه مقصِّر في شكر الله على نعمه لأنه مهما فعل لن يوفّيه حقّه. والتواضع حال حصول النعم وعدم التكبّر بسببها. فكما يعلم الجميع أن النعم لا تدوم إلا إذا أدينا حقها وحقها الشكر والطاعة وحافظنا عليها من الإسراف والمعصية كما جاء في محكم التنزيل {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
ولكن كيف يكون الشكر والعرفان لأشخاص أقرباء منا أو غرباء عنا كان لهم فضلاً كبيراً علينا في صنع معروف أرشدوا فيه حيرتنا وأغاثوا فيه لهفتنا، فمهما كان عمل الخير صغيراً فهو فضل والاعتراف فيه وتقديره واجب يتطلب شكر صاحبه والثناء عليه {وما جزاء الإحسان إلا الإحسان} سواء أكان مقدمه أخاً أو قريباً أو صديقاً أو جاراً أو صاحب يد بيضاء أو فاعل خير قدّم لنا خيراً ووقف بجانبنا أيام الشدائد والملمات.
شخصياً، أحسب أن أمام صاحب الفضل وأعماله الخيّرة ومساعيه الحميدة تبقى كلماتنا قليلة وألسنتنا متلعثمة عن تقديم ما يليق به من شكر وتقدير. في حضرته تقف قلوبنا وعقولنا احترامًا وتقديرًا وامتنانًا له ولروعة عطاياه مهما كانت بسيطة.
أرى أن مجلدات من كلمات الشكر والعرفان بالجميل لصاحب الفضل لا تفيه حقَّه، ولا تُقابل جزءًاً من سجايا أفعاله، فمهما مرت علينا السنون ودارت بنا الدروب يبقى صاحب الفضل صاحبًا وفيًّا وأخا حنونًا، ووطنًا رؤومًا، وجبلًا شامخًا، وشمسًا دافئة. نرفع له أكف الدعاء لرب السماء أن يجزيه عنَّا خير الجزاء، ويكرمه من واسع فضله ومغفرته ورحمته، ويُعظِّم قدره، ويرفع شأنه في الدنيا والآخرة، وتبقى ذكراه أجمـلَ ما اعتمرت به قلوبنا واختلجت به مشاعرنا وله المقام الأول عندنا بدون منازع لمِا سعى به أمامنا من عون مكين وسند متين، وناصح أمين في سنوات الحاجة والأنين.