د.فيروزالولي تكتب:الخارجية اليمنيه… حين يُعيَّن الفشل نائبًا ويُسجَّل الفساد دبلوماسيًا!

في دول العالم، وزارة الخارجية تمثّل واجهة الدولة، عقلها السياسي، ولسانها الرسمي في المحافل الدولية. أما في اليمن، فهي أشبه بـ”كوفي شوب قبلي”، تُدار فيه التعيينات على أساس المحافظة، والنسب، والصوت المُنخفض عند قول (سعادة السفير).
في هذا المسلسل اليمني الطويل من التعيينات العبثية، لدينا اليوم ثنائي جديد على خشبة المسرح:
الوزير الحالي: شائع الزنداني، الذي دخل الوزارة بنيّة الإصلاح،
والنائب المثير للجدل: مصطفى نعمان، العائد من رفوف النسيان السياسي
الزنداني… الذي حاول أن يكون نظيفًا في مطبخٍ قذر
شائع الزنداني، ومن باب الإنصاف، جاء إلى وزارة الخارجية بفكرة إصلاحها وتخليصها من الشللية والفساد المتراكم كغبار مزمن على مكاتب السفراء، وربما امتلك نية صافية، وخطة قابلة للتنفيذ لو وُجدت الإرادة السياسية خلفه.
لكنه – ويا لسذاجة النوايا الطيبة – نسي أن الوزارة ليست دائرة حكومية، بل عش دبابير من الولاءات المناطقية والمصالح الشخصية.
بدأ الرجل بكنس الأوساخ، فاكتشف أن الأرض مغطاة بالسجاد الأحمر للمتنفذين، وأن مكنسته كانت مصنوعة من خيوط وهم، لا أكثر.
النتيجة؟ لم تستطع جهوده المتواضعة كوزير أن تخترق جدار “الشللية المقدسة”، ولا أن تُوقف موكب التعيينات العبثية القادمة من كهوف الماضي.
نعمان… العائد من أرشيف الغفلة
ثم جاء مصطفى نعمان، نائب الوزير الجديد، وكأنما تم انتشاله من أرشيف ما قبل الثورة، من أيام كانت الوزارة ملكًا للمتقاعدين و”أولاد العائلة”.
نعمان لم يُعرف له في السابق إنجاز يُذكر حين كان وكيلاً للوزارة، ولم يُسجل له سوى الحضور في مناسبات وتحليلات متلفزة لا تغيّر شيئًا، لكنه الآن عاد… لا ليرمّم، بل ليُعيد تدوير الفشل.
وفي ظرف أسابيع، بدأ الرجل بتوزيع التعيينات كأنها “مندي في مناسبة عزاء”:
فلان إلى السفارة الفلانية لأنه “منّنا وفينا”،
وعلان مسؤول عن ملف العلاقات الأميركية لأنه “ابن شيخ محترم”،
والمستشار الغائب من خمس سنوات تمت ترقيته إلى “خبير فوق العادة”… ربما لأنه لا يُسبب وجع رأس!
عبقرية التحوّل: من موظف فاشل إلى مستشار سيادي!
في عهد نعمان، أصبح لدى وزارة الخارجية قدرة خارقة على “تحويل القمامة إلى ذهب”… على الورق فقط.
من فشل في أداء مهامه يُمنح لقبًا جديدًا،
ومن لا يفقه في الدبلوماسية كلمة، يُعين في ملف العلاقات مع دولة كبرى،
ومن لا يعرف عدد السفارات اليمنية، يُمنح توقيعًا لتعيين السفراء!
والمثير للسخرية أن هذه التعيينات لا تُناقش، بل تُمرر بعبارات مثل:
“تعليمات عليا”، و”ضرورات المرحلة”، و”الحفاظ على التوازن الوطني”…
كأنما الفساد أصبح توازنًا، والغباء تمثيلًا سياسيًا
بينما المواطن… ينتظر ختمًا على جوازه
في هذا الجنون الإداري، يضيع المواطن اليمني البسيط. ينتظر ردًا على إيميل، أو وثيقة سفر، أو حتى سلوكًا مهذبًا من قنصل. فلا يجد سوى:
سفارة مغلقة،
أو دبلوماسي يتعامل معه وكأنه يتسول لجوءًا إلى المريخ.
وزارة الخارجية التي يُفترض أن تمثل الدولة، أصبحت تمثل فقط طبقة متنفذة لا علاقة لها بالواقع ولا بالشعب.
شائع الزنداني: هل يصمت أم يثور؟
السؤال الآن:
هل يواصل الوزير شائع الزنداني دوره كديكور محترم؟
أم يتحرك لكسر هذا العبث، حتى لو كلفه المنصب؟
لأن بقاءه في الواجهة بينما نائبه يُدير الوزارة بمنطق “العائلة أولًا”، يضعه في خانة “التواطؤ بالصمت”، لا “التحمّل النبيل”.
ما قاله مصطفى نعمان: سياسات دون تنفيذ
في مقابلة رسمية نُشرت في 7 فبراير 2025 عبر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية، أكّد السفير مصطفى نعمان أن الهدف يتمثل في:
> “إصلاح الخلل البنيوي في هيكل الوزارة وتحويلها إلى أداة فعالة لخدمة السياسة اليمنية”.
وأشار إلى “تغيّرات في السلك الدبلوماسي”، لكنه اعترف بأن الأمر “يتطلب دعمًا قويًا من الرئاسة والحكومة”.
حتى منتصف 2025، لا توجد دلائل على إجراءات فعلية لملاحقة من ثبت تورّطه في التعيينات العبثية أو الفساد المالي.
كشف فساد علني… دون أي نتيجة
في مقال نُشر بتاريخ 4 مايو 2024، كشف نعمان ملفات فساد تشمل:
تعيين أبناء وأقارب مسؤولين في وظائف حكومية دون مؤهلات.
قرارات وصفها بـ”تحدٍّ للدستور” و”عبث دستوري وأخلاقي”.
لكن رغم تصريحاته، لم تُفتح أي تحقيقات، ولم يُعفَ أي مسؤول من منصبه، وبقيت التعيينات على حالها.
ضغط دولي… ومراوغة محلية
تقرير صادر عن The Yemen Review (يناير–مارس 2025) أشار إلى:
فساد واسع في السفارات اليمنية، مثل جدة،
مطالبات من مانحين بإجراء تحقيق رسمي محايد من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
لكن حتى أغسطس 2025، لم يتم الإعلان عن أي تحقيق جاد أو نتائج لمحاسبة المتورطين.
مؤشرات من تقارير قديمة
تقرير مستقل صدر في 2024 كشف أن:
المئات من المقرّبين تم تعيينهم في وظائف دبلوماسية،
رواتبهم تصل إلى نصف مليون دولار شهريًا،
بدون مهام واضحة أو حتى حضور فعلي.
ولم يحدث أي تغيير جذري منذ نشر التقرير.
تقييم الجدية: نقد أدبي بلا أثر عملي
المحور التقييم
التصريحات العلنية ✅ موجودة
إجراءات تنفيذية ❌ لا توجد
مدى تأثير تصريحاته ضئيل جدًا
الدعم السياسي ضائع
خلاصة
السفير مصطفى نعمان يُظهر نبرة نقدية ووعيًا تنظيريًا، لكنه حتى منتصف 2025 لم يُنجز خطوات عملية ملموسة نحو محاربة الفساد داخل وزارة الخارجية.
التعيينات قائمة على الولاءات، والتحقيقات غائبة، والمحاسبة مؤجلة.
أما الوزير شائع الزنداني، فإمّا أن يثور على العبث… أو يصمت ويصبح جزءًا منه
—
هل تريد أن تعرف سر النجاح في وزارة الخارجية؟
سهل جدًا:
لا تحتاج شهادة، لا تحتاج خبرة… فقط تحتاج “بطاقة تعريف مناطقية”، وابتسامة عريضة في وجه الفساد.
المصادر والمراجع
1. الموقع الرسمي لوزارة الخارجية اليمنية – مقابلة مصطفى نعمان (7 فبراير 2025).
2. مقال مصطفى نعمان – نشر بتاريخ 4 مايو 2024 (موقع مأرب برس).
3. The Yemen Review – تقرير فصل أول 2025 عن الفساد الدبلوماسي (يناير–مارس 2025).
4. تقرير مستقل عن التعيينات العبثية – صدر في 2024، أشار إلى وجود أكثر من 300 تعيين غير قانوني.
5. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد – مشاركتها في المنتدى العالمي للبنك الدولي وورش عمل 2025.
6. الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2020–2025) – وثيقة منشورة عبر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
[10:11 ص، 2025/8/7] +961 81 708 767: