جمال محمد غيطاس يكتب :عربدة سفير الكيان بالإمارات: وباء “دم الحسين ودم البعوض” ينتعش بدول الخليج

في نهاية يناير الماضي، طبع المطرب السعودي عبد المجيد عبد الله قبلة على خد المطربة المصرية أنغام عقب انتهاء وصلتها في حفل أقيم بالسعودية. وبعدها أعلنت شرطة الرياض عن استدعاء الشخصين لكون القبلة مخالفة للذوق العام. وقبل عدة أيام تناثرت أنباء عن قيام سفير الكيان الغاصب بدولة الإمارات بالتحرش بسيدة في حانة للرقص والشرب، وأن حكام الإمارات اعترضوا على هذا السلوك باعتباره مخالفة للأخلاق والقيم والذوق العام.
ولو نظرت للواقعتين في ضوء المواقف العلنية للدولتين تجاه الكيان الغاصب المحتل، ستجدهما دليلاً على انتعاش واستشراء وباء “قتل الحسين والسؤال عن دم البعوض” ببلدان الخليج.. كيف؟
من ناحية الزمن، وقعت الواقعتان في وقت تقف فيه أرض الحرم الثالث “أرض الأقصى” على أطراف أصابعها في مشهد مهيب، على وقع 60 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب وأكثر من مليون نازح، يصارعون من أجل الحصول على شربة ماء أو كسرة خبز، ويحاصرهم الكيان الغاصب العنصري المحتل الكذاب المتاجر بدماء الأنبياء من كل جانب ويمطرهم بالصواريخ والقنابل على مدار الساعة،
ومن ناحية الموضوع… لو بحثنا عن سياق تاريخي فقهي عقدي للواقعتين المذكورتين، فلن نجد له سوى واقعة السؤال الذي تقدم به أحد أبناء العراق لسيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب في أحد مواسم الحج عن حكم قتل البعوضة في الحرم، فما كان من عبد الله بن عمر إلا أن قال: (تقتلون الحسين وتسألون عن دم البعوض).
حينما أتأمل إعلان شرطة الرياض رداً على القبلة التي طبعت على خد أنغام، ورد فعل حكام الإمارات على التحرش الذي تعرضت له نادلة في حانة تصنع اللهو وتقدم ما يذهب بالعقول، وأضع الاثنين على الميزان الذي وضعه عبد الله بن عمر في إجابته، أجد أنني أمام النتيجة التالية:
في الواقعة الأولى نحن أمام من لا يرضى بقبلة من رجل على خد امرأة، باعتبارها اعتداء على الأخلاق في حفل عام، ويتناسى في الوقت نفسه أن الأخلاق والدين والعقيدة تدعو إلى عدم إقامة الأفراح والليالي الملاح ولو ليلة حداداً على أرواح 60 ألف شهيد في غزة، من بينهم نساء لهن خدود، ورجال لهم شفاه.
وفي الواقعة الثانية نحن أمام حكام جاءوا بعربيد قاتل فاسق فاسد من قوم قتلة فسقة فسدة، ودقوه في بلادهم دقاً، ويتناسون في الوقت نفسه أن الأخلاق والدين والعقيدة تدعوهم بل وتنهاهم عن التحرش بحقوق إخوانهم بغزة وفلسطين في الحياة والعيش وتناول شربة ماء وكسرة خبز، وتحظر عليهم الدفع بهم في العراء أمام السفلة القتلة بعدما دمروا منازلهم وذهبت أدراج الرياح، ثم يأتون بعد ذلك ليعبرون عن غضبهم من أن العربيد الذي أتوا به تحرش بنادلة في حانة، تصنع اللهو وتسقي ما يذهب بالعقول.
في الواقعتين نحن أمام فعل أساسي متخذ عن وعي وخبث وهوى وعمد يرقى إلى قتل الحسين، ورد فعل مصطنع وضيع يراد به باطل، وينحدر لحضيض وهراء قتل البعوض.
إنها الحكمة البالغة من عبد الله بن عمر التي سطرها في إجابة خالدة، تفضح وتكشف التناقض بين الأفعال والأقوال، وبين تصغير الكبائر حتى محوها، وتكبير الصغائر حتى تسد الآفاق.
إجابة كانت جرس إنذار مبكر من انحراف الفكر وسوء السريرة وتشويه الحقائق وقلبها على أم رأسها، سعياً وراء مصلحة وملك زائل وعروش زائفة، وهوى في النفوس يجعل الشياطين ترتع والحق يتأوه ألماً.
الآن تقودنا هذه الوقائع وأشباهها إلى القول إن وباء دم الحسين ودم البعوض عاد لينتعش ويستشري في بلدان الخليج.