فيس وتويتر

د.كمال مغيث يكتب :بيان القضاة والمنحدر الذى ننحدر إليه

طبعا من المؤلم والمحزن ما شاهدناه من اعتداء ضابط على “سايس” غلبان يسترزق من مساعدة القضاة على ركن سيارتهم أمام ناديهم النهرى وحراستها حتى يعودا لركوبها ليلا بعد قضاء سهرتهم
وطبعا مع التسليم بحق المجنى عليه والاقتصاص من الجانى أيا كانت مكانته،
لكن المؤلم والبائس والمحزن أكثر هو ماتضمنه بيان نادى القضاة فى الدفاع عن “سايسهم” فبعد شرح ملابسات الواقعة وإجراءاتها يختتم القضاة بيانهم بالنص التالى:
“ويؤكد نادى القضاة، اعتزازه بكل من يعمل معه في أي موقع وأن كرامة أي منهم وعزته تماثل تمامًا كرامة القضاة وعزتهم”.
والمثير للحزن أكثر أن يكتب هذا فى بيان منشور على الناس. ممهوراَ بتوقيع نادى القضاة،
كنت أفهم لو غضب أحد القضاة وانحمق من مشهد الضرب الغبى من الضابط للسايس، فهدد وتوعد وقال مايحلو له
ولكن المفترض هنا أن يكون قد جلس خمسة أو ستة قضاة إلى طاولة واستمعوا بدقة لشهادة السايس المضروب، وشاهدوا الفيديو الجريمة.. ثم تداولوا فيما بينهم فيما يكتبوه وراح بعضهم يملى وبعضهم يكتب وبعضهم يطلب استبدال كلمة بغيرها، أو عبارة بأخرى، كما يفعل كل من يكتب بيانات، حتى انتهوا إلى تلك الصيغة التى من المفترض أن يعرضوها أو يقرأوها على جمعية عمومية أو شبه عمومية لتصدر بهذه الصيغة الكارثية التى تتناقض مع مبدأ قانونى أساسى وهو:
أن العدالة “حق مجرد وعام موضوعى لكل مجنى عليه أو مظلوم”، وهو ماترمز إليه العصابة التى تغمى عين سيدة العدالة الممسكة بميزان الحق،
ترى لو كان المجنى عليه: سايس النادى المجاور، أو مواطن ماشى فى الشارع، أو بائع تين شوكى اعترض طريق الضابط، هل كان سينصفه بيان نادى القضاة؟
هل أصبح القضاء فى مصر عزبة خاصة لها مًلاكها ونًظارها وخولييها وسياسها وأنفارها، ولا صلة لهم بالمجتمع والناس؟
هل هذا مفهوم قضاة مصر عن الحق والعدل والجزاء؟ وهل من حقنا أن نقلق على مصير العدالة والقانون فى مصر إذا كان هذا لسان حال من يقوم عليهم؟
رحم الله زمنا كنا نشترى فيه مجلة “المحاماة” لنقرأ مقالات القضاة العظماء: مصطفى مرعى ووحيد رأفت ووجدى عبد الصمد ومحمد سعيد العشماوى ويحيى الرفاعى وممتاز نصاروعبد العزيز الشوربجى وزكريا عبد العزيز، ونستمتع بما فيها من رفعة وشرف ونصاعة الحق ورصانة الأسلوب وجمال التعبير ودقة المصطلحات ومنطقيتها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى