أربعة و الغياب خامسنا ……بقلم زكريا شيخ أحمد

تحت شجرة لا تعرف أسماءنا…
جلسنا أربعةً
كأننا بقايا جملة انكسرت في منتصفها.
لا ظلّ يكفي ، لكننا تشاركنا الظلّ
كما نتشارك الخبز البارد و الذكريات التي لا نقدر على ابتلاعها.
كانت فناجين القهوة
تشبه قلوبنا
صغيرة، لكن على جدرانها بقع سوداء لا تمحى.
جئنا من بلادٍ
لم ندفن فيها موتانا بأيدينا…
جئنا نحمل أسماءً أثقل من أجسادنا…
نجلس متقابلين
و نعرف أن كل واحدٍ فينا
هو مرآة مشروخة للآخر .
الذين رحلوا… رحلوا بلا وداع.
الذين بقوا… صاروا صوراً قديمة في صناديق مغلقة .
أما نحن… فنلتقي مرة أو مرتين في العام
كأننا نختبر قدرتنا على التنفس معاً
أو نطمئن أن دمنا لم يبرد بعد في الغربة.
أفكر أحياناً
لو مات أحدنا الليلة…
كم من السنوات ستحتاج أرواحنا لتجد الطريق إلى نعشه؟
كلنا خرجنا من الباب نفسه
لكن إلى جهات مختلفة.
أمضينا أعواماً نمشي في مدنٍ غريبة
نبحث عن وجوهٍ عرفناها
في أروقة المحاكم
و في شوارع حلب و عفرين و قراها
و حين وجدنا بعضنا…
لم نجد أنفسنا.
نضحك أحياناً…
لكن الضحكات مثل زجاج مكسور
يعكس سماءً بعيدة لا يمكن لمسها.
الظلّ يطول…
و القهوة تبرد..
و أعرف أن بيننا و بين الذين نحبهم
مسافة أطول من كل طرقات العالم .