أستراحة…..بقلم نجمه آل درويش

إنها تأكل الحصص الدراسية. ما أن تجد حصة فارغة حتى تكاد لا تستوعبها الفرحة، تقفز إلى غرفة الدرس قبل خروج أي طالبة.
لم أكن أحب الفيزياء أو أي مواد علمية سوى مادة الأحياء.
في ذلك اليوم كعادتها، معلمتنا أنهار استغلت غياب معلمة العربي منال، التي كانت تفرض شخصيتها بنظراتها المخيفة. هي جميلة، ولكن كان لها رأي آخر في طريقة معاملتها، ربما كانت تراه حزمًا وليست قسوة. لكنها كانت كثيرة الغياب، يقولون ربما لديها مناوبة في مدرسة آخرى وقتها.
دخلت أنهار بهدوئها ونقائها، شخصيتها متزنة ولكنها تحب أكل الحصص!
تأففت البنات، كنا سوف نخرج اليوم باكرًا.
علت أصواتهن اعتراضًا.
الصف مزدحم، عدد الطالبات كثير، والمواد الدراسية كثيرة وفيها ضغط. أغلب الأيام سبع أو ست حصص، وهذا يجعل الطالبة تريد أن تتنفس وتخرج سريعًا.
فقالت بحزم:
– من لا تريد حضور الحصة فلتتفضل بالخروج من الصف، وأعدكم لن أعاقب من لا يريد الحضور.
رفعت أصبعها فتاة معروفة بالهدوء:
– معلمة، أنا لا أريد حضور الحصة.
فغرت الطالبات أفواههن بالدهشة والاستغراب:
– كم أنتِ جريئة! لم يكن ذلك متوقعًا منك… أنتِ؟! أنتِ؟! يا للجرأة…
– سكوت بنات سكوت…
– خذي حقيبتك يا نجمة، لا بأس.
نجمة فتاة نحيفة جدًا، مظهرها يوحي بالضعف.
– ها بنات، هل منكن من تريد أن تعتذر عن الحضور؟
صمت.
– إذن مع السلامة يا نجمة… لنبدأ الدرس.
عند خروج نجمة من الصف، كانت حافلة المدرسة قد غادرت. يبدو أنها لم تستفد شيئًا، لأنها ظلت جالسة تحت ظل الشجرة تحتمي من الشمس ريثما تخرج البنات.
وعندما خرجن، التففن حول نجمة في حلقات، وهن يسألنها:
– كيف تجرأتِ؟ ألا تخافين أن تخبر المديرة وتعاقبك؟
ردت بثقة:
– ليش أخاف؟ والمعلمة نفسها سمحت بذلك!
حملن حقائبهن وتبادلن ابتسامات الخروج.