رؤي ومقالات

إبراهيم نوار يكتب :ترامب يعيد تشكيل علاقات الشرق الأوسط الاقتصادية لمصلحة الصين

مع الموجة الجديدة من الحرب التجارية التي بدأت الولايات المتحدة تطبيقها اعتبارا من 7 من الشهر الحالي يقدم الرئيس الأمريكي للدول العربية الساعية إلى التصنيع وتنويع الاقتصاد هدية ثمينة برفع الرسوم الجمركية على دول العالم أجمع بحد أدنى يبلغ 10 في المئة، يطبق على الدول التي لا تحقق فائضا في تجارتها مع الولايات المتحدة، ترتفع إلى 15 في المئة على الأقل على صادرات الدول التي تحقق فائضا على حساب الولايات المتحدة. وطبقا لمعادلة رفع الرسوم الجمركية، فإنه كلما زادت قيمة العجز التجاري للولايات المتحدة مع دولة معينة، زادت في المقابل نسبة الرسوم الجمركية التي تفرضها على الواردات منها.
وتعتبر الصين ودول منطقة جنوب شرق آسيا، والدول النامية الآخذة في التصنيع الضحية الأولى لحرب ترامب التجارية، بما في ذلك دول تعتبر صديقة للولايات المتحدة مثل فيتنام. وكانت الصين تعتبر دول جنوب شرق آسيا الغلاف الواقي من حرب ترامب التجارية التي بدأ شنها في العام الثاني من فترة رئاسته الأولى. ومنذ ذلك الوقت اتجهت الشركات الصناعية الصينية إلى توطين بعض مصانعها، من صناعات الأثاث إلى صناعات الكمبيوتر، في دول جنوب شرق آسيا. واستفادت الصين من عوامل القرب الجغرافي، ورِخَص الأيدي العاملة، ووجود بنية أساسية متطورة ضمن مبادرة الطوق والطريق، من أجل بناء سلاسل إنتاج صناعية إقليمية متقدمة، بحيث يتم تصدير منتجاتها عبر هذه الدول لتجنب الرسوم والعقوبات التجارية الأمريكية. لكن رفع الرسوم الجمركية على صادرات دول مثل كمبوديا وتايلاند وفيتنام إلى الولايات المتحدة يقطع الطريق على هذه الاستراتيجية، ويدفع الشركات الصناعية الصينية إلى محاولة اكتشاف مواقع جديدة لإعادة توطين الصناعات الصينية بعيدا عن حصار الرسوم الجمركية الأمريكية. وقد وجدت الصناعات الصينية في مصر والمغرب مساحة كبيرة من الفراغ في الاستثمار الصناعي، تستطيع هي ملأها، كما وجدت ترحيبا إداريا وتسهيلات كبيرة من حكومات دول مثل مصر والمغرب والجزائر والعراق. وبعد التدفقات الاستثمارية الكبيرة من الصين إلى كل من مصر والمغرب على وجه الخصوص، ترتقي العلاقات الاقتصادية المشتركة بينها من مستوى الشريك التجاري إلى مستوى الشريك الصناعي. والدولتان تمثلان سوقا مهمة تجاريا للصين، لكن الأهم من ذلك أن أهميتهما تتعاظم كبوابة جنوبية مفتوحة على أوروبا وبوابة شمالية مفتوحة على أفريقيا، بينما إطلالة المغرب على المحيط الأطلنطي توفر للسلع المغربية ميزة نسبية في أسواق الولايات المتحدة. ويمكن لكل من الدولتين، مصر والمغرب أن تلعبا دورا مهما غير مباشر في تعزيز التجارة بين الصين والولايات المتحدة، عندما تصدر إليها منتجات تحتوي على مكونات صينية مهما كانت نسبتها ضئيلة جدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى