فيس وتويتر

إسلام المنسي يكتب :تركيا تسعى لتطويق إيران بهلال سني

تركيا تسعى لتطويق إيران بهلال سني، لذلك هي المستفيد الأكبر من ممر أرمينيا، وإيران الخاسر الأكبر إذا تم قطع طريقها للقوقاز الذي طالما اعتمدت عليه في الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
تركيا ترى في هذا الممر “زانجيزور” أو “زنغزور” (zangezur) فرصة هائلة للتغلب على عقدة الجغرافيا التي وقفت لزمن طويل حائلاً بينها وبين تحقيق حلمها القديم الارتباط بالعالم التركي الممتد إلى أعماق القارة الآسيوية وصولاً إلى الصين؛ وهي منطقة آسيا الوسطى التي تشمل ما كان يسمى بلاد ما وراء النهر بعد الفتوحات الإسلامية، وتضم الدول السوفيتية السابقة؛ ككازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وغيرها.
بدأت خطط الأتراك للربط الجغرافي مع هذه الدول اعتماداً على قرب افتتاح ممر زانجيزور، وبناء على ذلك اتفقت تركيا وأذربيجان على إنشاء خط سكة حديد يربط بينهما واتفاقاً آخر لتوصيل خط أنابيب غاز إلى هذا الإقليم والتخلي عن الغاز الإيراني.
باختصار، أذربيجان منقسمة لجزأين، تفصل بينهما أرمينيا، واتفقت الدولتان على أن تمنح أرمينيا أذربيجان ممرا بين الجزأين، وبذلك تتصل الدولة جغرافيا لأول مرة، وتنعزل إيران عن حليفتها أرمينيا وتصبح محاطة بريًا بتركيا وحلفائها من جهة الشمال، بينما تظل سواحلها على بحر قزوين نافذة مفتوحة مع روسيا والقوقاز.
يشترك شعبا تركيا وأذربيجان في العرق، فكلاهما ينحدران من السلالات التركية ويتحدثان لغات تركية، ويجمعهما أيضاً الدين والتاريخ المشترك، حتى إن زعيمي البلدين كثيراً ما يستخدمان عبارة “شعب واحد في دولتين” لوصف حالة التعاون بينهما.
وتقف إيران دائماً في صف أرمينيا ذات الأغلبية الأرثوذكسية في صراعها الحدودي مع أذربيجان ذات الأغلبية الشيعية، إذ احتل الأرمن إقليم “ناجورنو كاراباخ” الأذربيجاني في التسعينيات، وظلت أذربيجان تسعى لاستعادته دون أن تجد داعماً لها سوى أنقرة التي بذلت جهوداً حثيثة على مدار عقود لدعم جارتها في قضيتها حتى كانت اللحظة الفاصلة في أكتوبر 2020، حين شنت أذربيجان حرباً ضروساً بدعم تركي استطاعت خلالها تحرير معظم أراضيها، وخلال الحرب، أطلق الأذريون في إيران احتجاجات واسعة اعتراضاً على موقف طهران الداعم لأرمينيا، وطالبوا بغلق الحدود معها ووقف إمدادها بالسلاح خلال الحرب، ورغم اشتراك أكثرهم مع إيران في المذهب لكن ولاءهم القومي لتركيا.
تتطلَّع أنقرة إلى مشروع ممر اللازورد (Lapis Lazuli corridor)، الذي يربطها بأفغانستان ماراً بتركمانستان وأذربيجان لتكون تركيا ممراً المنتجات الأفغانية بما في ذلك الرخام والزعفران وجميع المنتجات الزراعية لتباع إلى الدول الأوروبية عبر تركيا، ويوصف هذا الطريق بأنه أقصر وأرخص وآمن طريق لتجارة أفغانستان مع أوروبا.
وأيضا باكستان تعد حليفا موثوقا لتركيا منذ فترة طويلة، وسوف يدعم ذلك علاقاتها مع الأتراك.
النزاع بين أرمينيا وأذربيجان على تنفيذ اتفاقات السلام المبرمة بدأ عقب حرب عام 2020، لكن أبعاد الخلاف تمتد لما وراء ذلك بكثير، وتشمل حسابات معقدة تمس اهتمامات كل الدول الكبرى من الصين إلى الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى