حين خذلني الظلّ……بقلم مصطفى العمراني

ظننتني شجرة،
وكنت أنت الظلّ الذي يحرس انحناءتي
فمددتُ قامتي فيك، لا في الأرض
ولا في الطينِ الطفوليّ
رأيتك سماءً تنحني لتضمني
لا غيمةً عابرة لا تترك ماءً ولا وداعًا
ظننتُك مأواي، حين ضاقت الجهات
فإذا بك التيه…
خارطتي التي تنكرني كلّما دللتها عليك
غرستُ جذوري فيك
فارتجفَ التراب
وتبعثرتُ من الأعماق
كنت طيفا ً..
وأنا من آمن أن الطيفَ نَفَس
أن الملامح الغائمة قد تكون أوطانًا
تعلمتُ فيك الصمت
وقرأتك كأنك آخر الكتب الممنوعة
كتبتك بين سطور الانتظار
وظننتُ أنكَ الحبرُ الأخير
في نومي
كنت ظلًا باركته الشمس
وفي يقظتي
كنت غيابًا يصهل في المسافات
أغويتني بلحنٍ هادئ
ثم مضيتَ كصدى لا يترك أثرًا
كضوءٍ كاذبٍ في نهاية نفقٍ لا يؤدي إلى شيء
أيعرف الظلُّ
كم من الشوقِ يزرعه الوقوفُ تحت وهمه؟
كنت بردًا،
ثم نارًا
ثم… لا شيء
كنت أبحث عنك في الجهات الأربع
لكنّ الجهات لم تعد تعرف اسمك
كلما صدّقتك، خذلتني الحقيقة،
وكلما كذبتك، خذلتني الذاكرة
سقطتُ من فروع الثقة
ورقةً… ورقة
ولم تنحنِ لتجمعني
أيُعقل أن تموت الشجرة من العطش
وظلّها ما يزال يرقص في الريح؟
كنت ظلًا لغيري
وأنا وحدي صدّقتُ أنك انتظاري
كأنك ما كنت
وكأنني ما عرفت
لكنّ الحنين أحيانًا يُتقن الخديعة
ما أصعب أن تؤمن بأنك الأصل
ثم تكتشف أنك الحافة
مررتَ في عمري كحلمٍ ناعم
يمشي فوق رماد
وها أنا أستيقظ على انطفائك
لم أعد أراك
ولا أريد
فالظلُّ ليس وطنًا
سأكبر بعيدًا عنك
كما تكبر الأشجار في صمت
سأكتفي بنور الشمس
لا بظلٍّ يرحلُ متى شاء
ظننتني شجرة…
لكني الآن غابة
وغابتك؟
أصبحت من ماضٍ لا ظلّ له