رؤي ومقالات

د.فيروزالولي تكتب:باريس تُجمِّد… وأبوظبي تُرحِّب: كوميديا المال المنهوب على طريقة صالح وأولاده

>”إذا لم يكن لديك ما تُخفيه، فلماذا يفتّشون خزائنك في سبع دول؟
وإذا لم تكن لصًا، فكيف وصلت باريس من صنعاء، وعلى ظهرك 200 مليون دولار؟”
— سطر من الكوميديا السوداء اليمنية، إنتاج ما بعد الجمهورية.

المشهد الأول: تجميد أموال… من أين لك هذا؟

تخيّل أن تستيقظ يومًا لتجد أن فرنسا، سويسرا، سنغافورة، سلطنة عُمان، بريطانيا، ماليزيا، والولايات المتحدة قررت جميعها تجميد أرصدتك البنكية وممتلكاتك العقارية. السبب؟ ليس لأنك شاعر يهدد الأمن القومي… بل لأنك “ابن رئيس سابق” جمع ثروة تتراوح بين 32 و60 مليار دولار، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، كان مجرد “ملحق عسكري” في الإمارات، لكنه امتلك من الشقق في باريس والمباني ما لا يمتلكه سفراء فرنسا أنفسهم.

🇫🇷 باريس تقول: الأموال مشبوهة

وفقًا لتقرير لجنة الخبراء الأممية S/2016/73، يمتلك أحمد شقتين في قلب باريس:

شقة بمساحة 220 م² في 5 Rue de Tilsit، تم شراؤها عام 2008 بمبلغ 3.15 مليون يورو.

وشقة أخرى في العنوان نفسه بمساحة 334 م²، اشتراها في 2010 بقيمة 6.5 مليون يورو، منها 6 مليون جاءت من قرض من Europe Arab Bank PLC.

كما يملك مبنًى كاملًا في 59 Rue Galilée، قُدرت قيمته بعدة ملايين من الدولارات.

هل هذه صدفة؟ لا.

التحقيق الفرنسي الذي نشرته وكالة AFP عام 2019 كشف عن تحويل مشبوه بقيمة 30 مليون يورو من صنعاء إلى باريس باسم مستعار تابع لأحمد. ولا تزال السلطات الفرنسية تراقب هذه الأملاك التي صارت أشبه بمزار لرائحة المال العام المهاجر.

المشهد الثاني: الأموال المجمدة… من ماليزيا إلى أمريكا

تقرير الأمم المتحدة (S/2016/73، S/2021/79) لم يكن عابرًا، بل وثق ما يلي:

الدولة القيمة المجمدة أو المحولة التفاصيل

🇫🇷 فرنسا 11.35 مليون دولار أصول عقارية باسم أحمد
🇲🇾 ماليزيا 780 ألف دولار أرصدة بنكية
🇴🇲 سلطنة عُمان 25.8 مليون دولار حسابات شخصية
🇸🇬 سنغافورة 460 ألف دولار أسهم شركات
🇨🇭 سويسرا 4.43 مليون دولار حسابات تحت التحقيق
🇦🇪 الإمارات 198.3 مليون دولار تحويلات مالية
🇬🇧 المملكة المتحدة 3.7 مليون دولار أرصدة مجمدة
🇺🇸 الولايات المتحدة 90 مليون دولار تم تحويلها باسم فوقحاء صالح

سؤال ساخر: إذا لم تكن هذه أموالًا منهوبة… فهل أحمد فاز بجائزة “حظ اليمن السعيد”؟

المشهد الثالث: الإمارات ترحّب… ولكن لمن يدفع

“الإمارات لا تستقبل أحدًا مجانًا… كل مقيم فيها إما مشروع أو صفقة.”

ورغم أن واشنطن فرضت عقوبات على أحمد صالح في 2015، إلا أنه وجد في أبوظبي حضنًا سياسيًا آمنًا، لا يُسأل فيه عن مصادر المال، ولا يُحاسب على تاريخ عائلي مليء بالفساد.

لماذا؟

1. لأن أحمد صالح لاجئ؟ لا.

2. لأنه يحمل مشروع دولة؟ أبدًا.

3. لأنه ابن النظام الذي حمى المصالح الخليجية لعقود؟ نعم.

4. لأنه يملك أرصدة واستثمارات قابلة للتسييل؟ بكل تأكيد.

> كيف نقنع مواطنًا يمنيًا بأن العدالة ممكنة، بينما من جاع في الحرب يختبئ تحت الأنقاض، ومن جنى المليارات يُصافح الجنرالات ويظهر في المناسبات الوطنية؟

المشهد الرابع: من “شِبام” إلى “شُبهات”

أحمد صالح لم يكن مجرد وريث سياسي، بل كان رئيس مجلس إدارة شركة Shibam Holding Company، التي استحوذت على أراضٍ حكومية تحت ذريعة الاستثمار، حسبما أفادت وثائق ويكيبيديا ومراكز أبحاث يمنية.

وما خفي كان أعظم: تحويلات مالية تصل إلى عشرات الملايين، تحت غطاء شركات استثمارية مشبوهة، كما ذكر تقرير Sana’a Center.

الخاتمة: هذه ليست رواية، هذا واقع

بين شقة في باريس، وقصر في أبوظبي، وحساب بنكي في سنغافورة، تبخرت أموال كانت كفيلة بإطعام كل طفل في تعز، ببناء مستشفى في الحديدة، أو بسداد رواتب عشرات آلاف الجنود.

هل يعقل أن كل هذه الأموال جاءت من “مرتبه كملحق عسكري”؟

وإذا كانت الإمارات لا تستقبل أحدًا دون مصلحة… فهل كان استقبال أحمد لصالح اليمنيين، أم لحفظ شبكة المصالح.

“إنها ليست صدفة أن أبناء الرؤساء يملكون مباني في باريس، بينما أبناء الجنود يملكون قبورًا جماعية.
لقد تعبت العدالة من الركض… وأحمد لا يزال يركب سيارته في شارع الكورنيش – أبوظبي.”

المراجع:

1. UN Panel of Experts on Yemen — S/2016/73

2. Final Report 2021 – S/2021/79 – تقرير الأمم المتحدة عبر Sana’a Center

3. AFP – “France to probe family of late Yemen President Saleh” (2019)

4. Sana’a Center for Strategic Studies – تقارير غسل الأموال والتحويلات

5. ويكيبيديا – مقالات عن علي صالح، أحمد صالح، Shibam Holding، العقوبات الأمريكية

6. Arab Reporters for Investigative Journalism (ARIJ) – تحقيقات عن شركات الأوفشور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى