كتاب وشعراء

تائه ولكن…. بشرى الحميدي

العربي اليوم

كثير منا يمر بحالة التيه ،تلك التي يجد فيها الإنسان نفسه غارق في عتمة ليل أسود ،يهيم فيها ولا يجد منفذ للنور ، يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يجد ثغرة للنجاة لكنه كمن سقط في عتمة البحر ولا يجيد السباحة ، يتخبط يمنة ويسرة، روحه معلقة بين الوهم والحقيقة، يشعر أن شيء كبيرا قد جثم على صدره ، الأفكار تتقاذفه كرياح عاتية ، مرة تأخذه الى أقصى القعر ومرة تمنحه ارتقاء وهميا ، لكنه لايعرف أيهما الحقيقة وأيهما مجرد زيف زائل .

 

تائه مثل طائر مكسور الجناح، يحاول الطيران بين عوالم متشابكة ،بين رغبة التحرر وخوف من السقوط ، بين رغبة في الفهم واستسلام للمصير ،بين ماهو زيف وما هو حقيقي ،تائه مثل سفينة صغيرة فقدت شراعها تتقاذفها الأمواج إلى عمق لا يعرف له طريقا، أفكاره مثل الواح مرايا تعكس صورا من ذاته لا يجرؤ على مواجهتها.

 

تائه ومع كل خطوة له يشعر بثقل الوجود لكنه بين الحيرة والضياع يكتشف شعلة صغيرة من وعي ، شعلة من نور ، ومن نجاة تكشف له كيف أن التوهان أحيانا هو الطريق للعثور على الذات، وأن التيه ليس فقط فقدان للطريق بل اكتشاف للذات ومواجهة لكل الجوانب الخفية من خوف وضعف وبعثرة روح ، ليعرف أن كل خطوة يخطوها تحمل معنى، وكل سقوط يمنحه درسا، وأن كل ضياع هو جزء من رحلته ، وأن كل لحظة انتظار تمنحه وعيا بأن الضوء الذي طال انتظاره سيشرق حتما من داخله، وأن العتمة التي مر بها ماهي إلا مرآة قد كشفت له حدود نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى