
في مشهد يثير الريبة أكثر مما يبددها، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانًا بشأن اعتقال “توم أرتيوم ألكساندروفيتش”، المسؤول الإسرائيلي الذي تم توقيفه في لاس فيغاس بتهمة التحريض الجنسي على قاصر عبر الإنترنت. البيان أكد أن المتهم لم يطلب الحصانة الدبلوماسية، وأن الإفراج عنه تم بقرار قضائي محلي، نافيًا بشكل صريح أي تدخل حكومي أميركي في القضية.
لكن الجملة الأخيرة في البيان – التي تنفي تدخل واشنطن – كانت بمثابة إعلان غير مباشر عن وجود تدخل. فالقضاء الأميركي، كما يُفترض، مستقل ولا يحتاج إلى بيانات سياسية لتأكيد حياده. فما الذي دفع الخارجية لإصدار هذا النفي الاستثنائي؟
الوقائع المعلنة تثير الشكوك أكثر مما تطمئن: مسؤول أمني رفيع في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يُعتقل بتهمة خطيرة، ثم يُفرج عنه بكفالة منخفضة، دون أي قيود على السفر، ليغادر سريعًا إلى تل أبيب. هذا النوع من الجرائم عادةً ما يُقابل بتشديدات صارمة، لا بتسهيلات استثنائية.
وحين بدأت الصحافة تطرح الأسئلة، جاء الرد الأميركي بالنفي العلني، وكأن واشنطن تقول: “لا شأن لنا”، بينما كل المؤشرات تقول العكس.
النتيجة؟ لم يُبرّئ البيان واشنطن، بل كشفها. فمحاولة طمس التدخل تحولت إلى دليل عليه، تمامًا كما يقول المثل العربي: “يكاد المريب يقول خذوني.”