كتاب وشعراء

ليس لدي اسم هنا……بقلم زكريا شيخ أحمد

في هذا المكان…
لا أعرف اسمي.
فقط صدى ما يقال لي منذ الطفولة:
اصبر… كل شيء سيكون بخير.
و لم يكن.
جسدي يشبه بيتاً قديماً
سُرقت منه الأبواب.
كل شيء يدخل.
كل شيء يرحل.
و لا شيء يستأذن.
قلبي الآن
أشبه بكيس بلاستيكي فارغ
تعبث به الريح
و لا أحد يتوقّف ليسأل
ما كان فيه.
في الليل…
حين لا أحد يشاهدني
أضمّ نفسي.
ليس لأنني بردان
و لكن لأنني الوحيد الذي بقي لي.
كل الأشياء التي أحببتها
تحوّلت إلى رماد حتى الأغاني.
صرت أسمعها كأنها تمشي فوق جثّة ذاكرتي.
منذ زمن طويل
لم يربت أحد على رأسي
و قال لي: أنت لا بأس بك.
كل العبارات كانت تبدأ بـ “لكن”.
أنا أتحدّث مع الله
كأنني أعتذر له عن خلقي.
كأنني أقول:
أعرف أنك مشغول بمن هم أكثر جدارة
سأتدبّر أمري… فقط لا تسحب الأوكسجين فجأة أتوسل إليك .
أصغي كثيراً …ليس للناس
و لكن لصوتٍ في صدري يعدّ انفاسه
و يقول:
لم يتبقَّ الكثير.
أشياء كثيرةٌ
لم أعد أستطيع قولها:
أشتاق، أتألّم، أحتاج…
لأن كل من قلتها لهم إما ماتوا
أو لم يصدقوني.
أتمنى أحياناً
أن أغلق عينيّ
و أستيقظ في مكانٍ لا يعرفني،
مكانٍ لا يجبرني على التماسك
و لا يشبه المرآة في شيء.
كل نص أكتبه الآن هو وداع
حتى لو بدأ بتحية.
وداعٌ لمن كنت …لمن لن أكون
و لمن لم يعرف أبداً
أنني كنت أحترق بصمت.
أنا لا أبحث عن ضوء.
فقط أريد
أن أجد جملة واحدة
حين أقرأها…أشعر أنني موجود
موجود و لو للحظة.
هل تعرف ما يعنيه
أن تنظر إلى صورتك القديمة
و لا تشعر بشيء؟
لا حنين، لا ألم، لا رغبة بالعودة.
فقط خواءٌ محايد
كأنك ترى شخصاً
لم تعد مسؤولًا عنه.
أكتب الآن
و أنا أشكّ أن أحداً سيقرأ.
و أشكّ أكثر أن أحداً سيفهم.
لكنني أكتب…
لأن ثمة شيئاً في داخلي
لو بقي صامتًا أكثر…
سينفجر.
ليس لدي خاتمة.
هذا ليس نصاً له نهاية.
هذا أنا
و أنفاسي الأخيرة في اللغة
أقولها… لا لأعيش،
و لكن لأُقال أخيراً :
لقد كان هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى