فيس وتويتر

حسام السيسي يكتب :الإخوان المسلمون: الظل الذي لم يعد موجودًا

من المحيط إلى الخليج، تحيا الأنظمة العربية في توتر مستمر، لا بسبب جماعات ضعيفة على هامش السياسة، بل بسبب شبح الماضي الذي يطارَدها؛ ذلك اليوم الذي تجرأت فيه جماعة على الوصول إلى كرسي الحكم، وكادت أن تزلزل حصون السيطرة المطلقة. هذا اليوم محفور في الذاكرة السياسية، لا يُمحى، والأنظمة لم ولن تنسَ طعم الخوف من فقدان الهيمنة.
الهجوم المبالغ فيه على الجماعة، في بلدان عدة، ليس انعكاسًا لقوتها الفعلية —فالواقع يقول إن أعضاؤها إما سجناء أو مطاردون— بل هو عرض قوة رمزي يخفي هشاشة الأنظمة نفسها، وعجزها عن ابتكار بدائل سياسية حقيقية. كل ذكر للجماعة يُعيدنا إلى درس الطاعة المطلقة، إلى التذكير بأن أي خروج عن الخط الرسمي يُقابل بالقمع، حتى لو كان التهديد مجرد ظل باهت من الماضي.
في العقل الجمعي العربي، انتهت الجماعة عمليًا. فشلها في الحفاظ على السلطة عندما تبوأت الحكم، كما شهدنا في مصر وتونس والأردن، جعلها اليوم مجرد رمز يستخدمه القائمون لتأجيل مواجهة الواقع السياسي والاقتصادي المأزوم. الأنظمة تصنع العدو لتظل محصنة، بينما المواطن يبقى أسير صراع رمزي مستمر، في غياب أي بديل حقيقي، وفي ظل قرار سياسي مرتهن ومحصور.
الأمر المضحك المبكِي أن الهجوم المستمر، والشعور الدائم بالتهديد، يكشف أكثر عن خوف الأنظمة من فقدان السيطرة التاريخية، وليس عن قدرة الجماعة على تهديد هذه الأنظمة فعلًا. الخلاصة أن ما يُراد أن يخيفنا ليس الماضي، بل المستقبل الذي قد يأتي بلا بدائل، فيصبح الشعب مرة أخرى رهينة خيارات محدودة مسبقًا، في لعبة قديمة، حيث القواعد ثابتة والوجوه تتغير فقط، لتبقى هيمنة الخوف هي القانون الأعظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى