كتاب وشعراء

خارج زمن الجذور….بقلم: مها السحمراني

أنا امرأةٌ
وُلدت من رحم الشلال
يغسلني الضوء كل فجر
وتحطّ على كتفي فراشات
كأنها تحفظ سري
تكتبني الأشجار بأغصانها
كأنني فصلٌ من حكاياتها القديمة
لستُ ظلًا يمرّ
أنا الجذورُ التي تعانق الأرض
أنا نهرٌ صغير
يعرف طريقه إلى البحر
ولو طال الغياب
أرسم نفسي بألوان الطيور
وأقرأ قلبي في دفاتر الندى
أنا امرأةٌ يشعلها الحلم
وتزهر كلما اعتقدوا أنها انطفأت
أنا الغيمة حين تبكي
والشمس حين تبتسم
أنا الأرض حين تعطرها الأمطار
وأنا الأفق حين يفتح ذراعيه للريح
أنا لا أنكسر
بل أتجدّد
كما تتجدّد الغابة كل صباح
وأبقى
كأغنيةٍ لا تنتهي
أصغي لصمت الغابة
فتعلّمني الأشجار الحكمة
وأجمع الندى
لأسقي به أحلامي التي لا تشيخ
أنا كتابٌ مفتوح على الضوء
أكتب بالحروف الناعمة
وأنقش على القلب قصائد
لا تخجل من البوح
ولا ترتجف أمام الريح
أنا امرأة
حين أفتح يديّ
تتساقط الفصول
من بين أصابعي
وحين أغمض عيني
تزهر الأرض في داخلي
أنا زهرةُ نورٍ تنمو في بستان الهوى
تتشرب ضوءه فتزهر رغم قسوة الريح
لكن…
في عمق الغابة
ظلّ موحش
ينتظرني عند كل منعطف
صمتٌ لا يشبه الحكمة
بل يشبه الفقد
في داخلي زهرةٌ
لم تفتح بعد
تنتظر موسمًا لا أعرفه
وربما…
لن يأتي
أنا التي تحيا بالحب
وتكبر بالحب
لكنها تعلمت
أن لا تمنح قلبها للريح
هنا أحيا بين طيف
الماضي وغبار الحاضر
خارج زمن الجذور
أنتظر لحظة الانعتاق
حين تهمر الغيوم أغانيها
ويعود النهر إلى بوحه الأول
حين أكون أنا
بلا أسوار، بلا حزن، بلا حدود
فقط أنا…
نسمةٌ تفيض حياةً
وصدى الوجود
في أرقى صورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى