كتاب وشعراء

قراءة نقدية في نص / سكرة ندم/ للشاعر والناقد السوري القدير خلف ابراهيم للناقدة السورية مرشدة جاويش

#الرهانات #الخاسرة والوعي المفقود: قراءة فلسفية وتأويلية لنص (سكرة الندم) للشاعر والناقد السوري خلف ابراهيم
#النص:

#سكرة #الندم #قصائد #في #حانة #الفقد
أرى وجهك ينهمر
ووجنتيك ضفتان
أراني أنزف
قلبك خزانة هدايا
وقلبي مركون بينها
أنتِ منزلاً مفعماً بالحياة
وأنا غرفة عناية فائقة
أنتِ كل القصائد
وأنا جمع
شعر رديء
على ورق
يقرأه النادل
وهو يمسح زجاج باب
حانة الندم.
أراكِ ثغر الليل
والقمر يسيل لهفةً بذاك الثغر
أراني
إسفنجةً
تمتص بقايا حديث
وسعال رواد الحانة
على طاولاتهم
أراني
الرهان الخاسر
بقلب سكير
دون لمسة توبةٍ
لحظة.
خلف ابراهيم

#ولوج #تمهيدي
يمثل نص (سكرة الندم) تجربة شعرية متفردة في الشعر الحداثي المعاصر حيث تتقاطع اللغة مع التأمل الفلسفي الرمزي لتصبح الحانات فضاءات للتأمل في الفقد والحنين والندم ويصبح الانكسار العاطفي رحلة معرفية عميقة
إذ يبدأ النص بصور ذاتية مكثفة وكأن الذات تبحث عن نفسها في مرايا الليل فتتحول تجربة الانكسار إلى سلسلة من التوترات الوجودية ليصبح الرهان الخاسر والقلب كخزانة هدايا ليسا مجرد صور
إنما طبقات رمزية تكشف عن هشاشة الإنسان أمام الحب والفقد
وتجعل كل لحظة قراءة تجربة معرفية وجمالية متجددة
التكرار في ضمير المتكلم (أراني) الذي يخلق إحساساً بالغربة الذاتية ويحوّل القارئ إلى شاهد مشارك في تجربة الانكسار والعزلة بينما تتحول الحانة إلى فضاء رمزي للفقد والسهر
والذات إلى إسفنجة تمتص بقايا الحديث تاركة أثراً دائماً من الحنين والندم
ولو عكفنا إلى الرمزية في النص والتي تتعمق وتتكثف
فالذات تتقاطع مع الآخر في بناء حقل شعوري متداخل
فالآخر يصبح حضوراً حياً يمثل الحياة والقصيدة نفسها
بينما المتكلم يجسد هشاشة الوجود وافتقاده القدرة على التحكم في التدفق العاطفي
أما عن الغرفة الموصوفة بـ(عناية فائقة) فإنها تعكس الاحتواء الذاتي في حين يمثل القلب الخزانة العاطفية مركز التوتر بين الرغبة في الامتلاك والحاجة إلى الانصهار في الآخر
ونغوص الآن في #الإطار #النقدي #العام
لنجد أن النص يتمحور حول عنوانه (سكرة الندم) الذي يمثل البوابة الوجدانية والدلالية للنص
لأنه يجمع بين حالتين متضادتين هما السكرة والندم ليشكّل الفضاء النفسي العام الذي يتحرك فيه النص فـ(السكرة) تشير إلى الانغماس الشديد في العاطفة أو الشغف حالة من فقدان السيطرة والانفعال المفرط
بينما يمثل (الندم) الوعي بالعواقب وتأنيب الذات
أي الألم الناتج عن الفشل أو الخسارة
من هذا المنطلق يصبح العنوان مرتكز النص الأساسي
بحيث تُوضع أمام القارئ توقعات الفقد والانكسار والفقدان المتزامن للذة والشعور بالمسؤولية العاطفية وتتجلى هذه الثنائية في الصور الشعرية للنص مثل
/ الوجه الذي ينهمر
/ والوجنتين كضفتين وذلك يحيل إلى الترميز إلى الانفعال والسكرة مقابل القلب ( المركون بين الهدايا)
أو الغرفة (العناية فائقة)
مايجعله يعكس الانعزال والندم
وبذلك يتحول العنوان إلى مفتاح فهم النص إذ يوجه الصور الشعرية ويمنحها بعداً فلسفياً ورمزياً ويكشف عن الرهانات الخاسرة للذات وعن الانغماس في العاطفة دون خلاص وعن صراع الحب والخسارة والفقد الذي يختزل الحزن الإنساني في فضاء الحانة الرمزي
حيث تختلط السكرة بالندم في تفاعل مستمر بين الوجود والقصيدة بين الشغف والانكسار
إن #النص لو تمعنا فيه لا يقدم الفقد كشعورية عابرة بل كحالة وجودية مستمرة تتراكب مع الزمن النفسي
وتعيد تشكيل وعي الذات فالسكر والندم والرهانات الخاسرة تتحول إلى رموز تعكس صراع الذات بين الرغبة والعجز
بين الحنين والعزلة وتحول كل لحظة من النص إلى أفق شعوري معرفي
ونجد أن الإيقاع الداخلي المتقطع والمتناغم في الوقت ذاته يعكس حالة السكرة النفسية ويحول كل صوت تنهيدة- وهم- أو -صدى من الحانة إلى حضور رمزي مستمر يصل إلينا فيصبح الشاعر والمتلقي في دائرة تفاعل معرفي وجمالي دائمة
أما لو التفتنا إلى #البعد #الفلسفي للنص فهو واضح حيث يتداخل الزمن النفسي مع الزمن الواقعي ويتحول الفقد إلى حالة معرفية مستمرة تتجاوز اللحظة العابرة لتصبح أسلوباً شعورياً وفلسفياً في التفكير بالذات والحياة
لذلك ففلسفة الحداثة الشعرية تتجلى في الصور المتناقضة
إن الحياة مقابل العناية الفائقة
والقلب مقابل الرهان الخاسر ما يتيح للنص التعبير عن حالات اللايقين والفوضى العاطفية والتوتر النفسي العميق ويستحضر الناص أسئلة وجودية حول الذات والآخر
والحضور والغياب الزمن النفسي والزمن الواقعي في تجربة تأويلية مركبة تشبه أعمال شعراء الحداثة مثل (نازك الملائكة) و(جبران خليل جبران) حيث أن الرمزية تتقاطع مع الانكسار النفسي لتكشف عن تعقيد التجربة الإنسانية
ونرى في #التناص #الضمني بين الحاضر والغياب بين الحياة والموت الرمزي
ما يجعل المتلقي يكتشف طبقات متعددة من المعنى في كل صورة
ويعيد قراءة العلاقة بين الحب والعزلة الفقد والوعي
ضمن تجربة معرفية وجمالية متجددة باقتدار حسي ومجازي فكل لحظة في النص تحمل إمكانية للتأمل الفلسفي حيث تتحول السطور إلى مرايا تعكس هشاشة الإنسان وتبحث عن ذاته
وتعيد بناء تجربته الوجدانية بطريقة متجددة بحيث تصبح القراءة #عملية #اكتشاف مستمرة للذات والمعنى
لذلك نرى أن #النص يقدم رؤية شعرية شاملة تتجاوز العاطفة لتصبح رحلة وجودية رمزية حيث تتحول الحانات إلى فضاءات للتأمل في الفقد والذات إلى رهانات خاسرة تعكس هشاشة الإنسان أمام الحب والغياب وتستمر القصائد غير المكتوبة في التنفس داخل النص لتكشف عن البعد الفلسفي والوجودي للعاطفة
كما يمكن #ربط #النص بمقاربات نقدية حديثة مثل (البنائية) (الذرائعية) و(التفكيكية) حيث كل رمز وكل صورة وكل تكرار يحيل إلى مستويات متعددة من القراءة ويتيح للقارئ رحلة متعددة الطبقات بين المضمون والشكل والمعنى
فالنص ينجح في الدمج بين #الرمزية والوجودية
وبين #السرد الشعوري #والتحليل الفلسفي تاركاً أثراً نفسياً وتأويلياً عميقاً
وكأن كل لحظة قراءة تكشف طبقة جديدة من تجربة الذات وتعيد اكتشاف المعنى في كل نبضة من نبضات النص فتتحوّل التجربة الشعرية إلى حالة معرفية وجمالية متجددة تعكس هشاشة الإنسان وقدرته على التأمل الفلسفي العميق في الفقد والحب والرغبة وتؤكد دور الشعر كفضاء رمزي لفهم الذات والوجود في
أعماقه الأكثر تجريداً
في نص أ. خلف إبراهيم توهج اللغة الشعرية وقدرتها على استدعاء صورة متجاوزة للمعنى المباشر حيث تتكثف الدلالات في مفردات مشبعة بالرمز والانزياح بما يجعل النص ينهض على أفق حداثي صرف يزاوج بين الرؤية الفلسفية والحمولة الوجدانية
إن هذا النص ينتمي بوضوح إلى شعرية ما بعد الحداثة حيث تتفكك المرجعيات التقليدية لتُبنى عوالم ميتافيزيقية مغايرة تنبع من الذات القلقة في مواجهة الفقد
قوة الشاعر تكمن في لغته التي تشتغل على تفجير المسكوت عنه وعلى تشكيل فضاء يتكئ على التناص مع اليومي ليحوله إلى أسطورة صغيرة داخل حانة رمزية تمثل الهزيمة الوجودية
هكذا يقدم الشاعر نصاً عميقاً في رمزيته جريئاً في مقولاته ومنسجماً مع ملامح المدرسة الحداثية في توترها وانفتاحها على الأسئلة الكبرى
دام تألقك
#مرشدة #جاويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى