الفجر الممزق :أصداء الغربة في اللازمن”/بقلم المبدعة/ بديعة برادين

” في أعماق الليل حيث تتلاشى الحدود بين الظلمة واليقظة، يتهادى الفجر كأنغام موسيقى حزينة على أوتار الروح المتعبة.
يرتدي وشاح الغربة القاتم، فيغدو وكأنه يمشي على حافة الزمن تاركا وراءه ظلالا من الحزن والاشتياق كل خطوة في هذا الفجر الممزق تحدث صدى في أعماق النفس، كأنها همسات الريح وهي تنفخ في بقايا الأيام الماضية.
الغربة هنا ليست مجرد ابتعاد عن الأوطان أو الأهل ، بل هي حالة من الانفصال العميق عن جوهر الذات .
في هذا الفجر المتألم، تتجسد الغربة كصمت قاتل يلف الروح،وكأنه جدار من زجاج يحيط بالقلب، يرى من خلاله العالم لكنه عاجز عن لمسه.
تتلاشى الألوان في هذا
المشهد، وتبقى فقط درجات من الرماد والسواد، كأن الحياة نفسها اختارت أن تكون ظلا في ظل.
هذيان الفجر … تمزقات الروح
الفجر في هذا العالم الغريب ليس موعدا للإشراق، بل هو لحظة من الهذيان الكوني، حيث تنكسر القيود بين الحلم والواقع.
يبدو وكأنه انفجار صامت في أعماق الوعي، يبعثر شظايا الأفكار والمشاعر في فضاء بلا أفق.
كل لحظة في هذا الفجر هي نزيف في شرايين اللازمن، وصرخة في حنجرة العدم قبل أن تولد الكلمات .
في قفص الغربة هذه ، تصير الأرواح أقرب إلى الأشباح، تتنفس بصمت من معانيها، وتصبح الأفعال مجرد تمتمات في متاهات الصمت.
كل خطوة في هذا الفجر هي ارتعاشة بلا أرض ثابتة،وكل لحظة تتهاوى كأوراق خريف في عاصفة لا هوادة فيها. وفي خضم هذا الاضطراب، يبدو الفجر وكأنه ليس سوى موعدا مع الضياع، حيث تتلاشى المعالم ويبقى الألم وحده حاضرا.”