من كيان إلۑ غيث/ بقلم / المبدعـة / مروى العبدلي/ اليمـن

من: كيان.tt
إلى: غيث
ـــــ
غيثي
أتكتب لي؟
أم أنك نسيت صوتي وسط الزحام؟
أنا كيان، التي كانت تكتب لك في الليل كما تكتب الغيمات للمطر.
ما عدت أعرفك… لكني ما زلت أعرف الشوق.
أشتاقك كما تشتاق النوافذ للضوء، وكما يشتاق القلب لنبضه الأوّل.
الشوق لك، ليس له صوت، لكنه يصرخ في داخلي حتى تُصاب الأبواب بالوجع.
تتكرر صورتك في كوب القهوة، في ظلّي، في قلبي الذي يتذكرك كلّما حاول أن ينساك.
أما في بعدك
فأنا لست كيان التي عرفتَها.
صوتي انكسر، وضحكتي أصيبت بالعطب.
تعلم؟ أصبحت أرتدي الوحدة كما يرتدي المسافر معطفه في آخر الشتاء.
أيامي باردة، وخطواتي متعبة
أكتب كثيرًا، لكن حروفي صامتة، تُبكي الورق ولا تُشفى.
ثم جاء ذلك المساء..
وها أنا أروي لك آخر فصولي.
كنت في المطبخ أُعدُّ الحساء، وهالة تركض في الباحة تلاحق طيف فراشة.
ضحكتُ حين قالت: “ماما، هذه الفراشة تُشبهكِ، شفافة وحنونة.”
بعد دقائق، سكتت ضحكتها.
خرجت، ناديتها… لم تُجب.
كانت مستلقية على العشب، عيناها إلى السماء، وجسدها الصغير ساكن.
صرخت، بكيت، حملتها كما أحمل عمري..
ركضت بها إلى أقرب مشفى، وقلبي يسبقني ركضًا.
لكن الطبيب قال جملته التي كسرتني:
“سكتة قلبية مفاجئة… لم تحتمل روحها الصغيرة هذا العالم”.
هالة ماتت، يا غيث.
وأنا… أدفن نفسي كل يوم تحت وسادتها.
هل تعرف كيف تنام أمٌ في بيت بلا صوت طفلتها؟
كيف تعيش امرأة كانت تكتب لحياتها بلون عيني ابنتها؟
أنا الآن أكتب لك من حفرة حزني، من شرفة موحشة تطل على غيابك وموتها.
لم تعد الحياة تهمّني… لا القهوة، لا الشعر، ولا القصائد.
كلّ شيء بعدكما ذبل.
إن عدت، لا تسألني كيف حالكِ؟
اسألني: من تبقّى منكِ؟
وسأخبرك أنني كيان… مجرد ظلٍ لأمٍّ كانت، وامرأةٍ كانت تحب.
اكتب لي… لا لأشفى، بل فقط لأعلم أنك كنت هنا، وقرأت هذا الوجع.
كيان.tt
✒️
*