رؤي ومقالات

جمال محمد غيطاس يكتب :أزمة الصحافة: اسناد الحل لمن تسبب في الأزمة واستفاد من استمرارها

كتبت مرتين عن الالتزامات المعلنة من قبل السيد الرئيس بشأن الصحافة والإعلام والتي تنص على:
1- إعلاء حرية التعبير.
2- احتضان كافة الآراء.
3- تعزيز التعددية والانفتاح الفكري.
مع توجيه بوضع خارطة طريق للحل
بعدها تحركت عدة جهات وتشكلت لجان وعقدت عدة اجتماعات بها زملاء وأساتذة اجلاء، ومما يؤسف له أننا اسمع أحدا يتحدث بقليل او كثير عن النقاط الأربع التالية:
1- إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي من الصحفيين وغير الصحفيين، النقابيين وغير النقابيين، وإسقاط أي تهمٍ ضيقةٍ أو فضفاضةٍ وُضعت على خلفية الضيق بالنقد والاختلاف في الرأي.
2- إزاحة مجموعة “حانوتية الصحافة” عن صدارة المشهد، ممن مارسوا العَكَّ المهني على مدار السنوات الماضية. فقد أخذوا فرصتهم كاملةً في إدارة الملف، وكانت نتائج أعمالهم كارثيةً على كل الصعد المهنية. وكان من بينهم من قدَّم زملاءه كقرابين وذبائح للسلطة بدمٍ بارد، ويكفيهم ما أقدموا عليه من أفعالٍ لم يأتِ بها أحدٌ من قبل، وهي إغلاقُ إصداراتٍ بكاملها ومحوها من الوجود.
3- رفع الأسوار المضروبة حول الكفاءات المركونة على الرف قسراً، وهم بالمئات، استُلِبت حقوقهم في التعبير عن الرأى داخل صحفهم استلاباً، ومعظمهم توارى للظل حفظا للبقية الباقية من كرامته الانسانية والمهنية.
4- إلغاء منظومة “السامسونج” المسؤولة عن إدارة الإعلام حالياً، والعودة بالأمور إلى دولاب العمل المهني الاحترافي الطبيعي.
وحينما تأملت المشهد والمشاركين فيه حتي هذه اللحظة خرجت بالنتيجة التالية:
ما يجري هو التفاف صريح على ما ورد بالالتزامات الواردة في بيان رئاسة الجمهورية بشأن الازمة
لأنه يسند مسئولية الحل لمن تسبب في الأزمة واستفاد ولا يزال يستفيد من استمرارها
بعبارة اخري : يتم التعامل مع القضية بطريقة تحرص على استحضار الجثة وتغييب الروح، بتوضيح اكثر أقول أن الحديث حتي الآن انصرف الي أمور إدارية ومالية وتقنية ومهارية، ولم يبدأ بالحديث عن الحرية، علي الرغم من أن كل من عمل بالصحافة ولو ليوم واحد، يعلم جيدا أن روح الصحافة والنفس الذي يتردد في صدرها ويمنحها الحياة هي الحرية، والشفافية واحترام الاختلاف والتنوع في الرأي، والانسياب السلس للمعلومات، والقدرة على تحقيق المعادلة الذهبية القائمة علي جعل حق القارىء أو الجمهور في أن يعرف، مقدما على حق المصدر في أن يقول أو لا يقول.
إرجاء الحديث بصراحة وقوة ووضوح عن ضرورة حل قضية الحرية لن يجدي نفعا.
والخوض في تفاصيل في هذا الاتجاه أو ذاك قبل خروج كل معتقلي الرأي من السجون لغو لا فائدة من ورائه
والحديث عن التحديث الإداري والمالي والتقني بينما المشهد يحتله حانوتية الصحافة صناع القسم الأخير والاحدث من الازمة هو ضرب من العبث
والحديث عن الارتقاء بالمهنية فيما ما يقرب من 90% من كفاءات المهنة خاصة من اجيالها الشابة علي الارفف هو الانتحار المهني بعينه
والحديث عن جذب القارئ وتحديث المحتوي القومي بينما منظومة السامسونج تحكم دولاب العمل هو ضرب من الانحراف الفج عن الطريق القويم للحل.
أكرر ما قلته سابقا في هذا المكان:
الحديث عن جثة بلا روح لا يجدى نفعا، والبحث فيما إذا كانت ورقية أم رقمية أم حجرية، هو لف ودوران عبثي حول لب القضية وقوامها الرئيس وقوتها الناظمة وهو الحرية التي تجسدت في ثلاثة نقاط شملها بيان صادر عن السيد الرئيس.
دعونا نتنفس أولا، ثم ناقشوا ما إذا كنا نستطيع القيام من رقدتنا وعثرتنا بتثاقل أم سنقفز بحيوية.
أخرجونا من الاحتجاز داخل الحوائط، وارفعوا عنا المشى قهرا وقسرا بجوارها خجولين قلقين من يد باطشة تتربص بنا، ثم ناقشوا ما إذا كنا نستطيع المشي متعثرين، أم سننطلق عدوا في نهر الطريق.
لا يستطيع المقيد بالحبال السباحة أو حتي البلبطة في بانيو منزله، ولا يستطيع المخنوق التنفس ولو على قمة الجبل أو في عرض البحر.
لا تجعلوا مقولة ” لا تنتظر الماء العذب من النبع المالح” حقيقة واقعة تخنق وطنا بأكمله لأجيال مقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى