حسام السيسي يكتب :محمود عباس.. رئيس بلا مقاومة يطلب “مقاومة بلا سلاح”

في التاريخ، لم نسمع قط عن حركة تحرر ألقت سلاحها بإرادتها لتتحول إلى حزب سياسي “مرخص”، سوى في خطابات محمود عباس.
مانديلا لم يطلب من “المقاومة المسلحة” في جنوب أفريقيا أن تسلم سلاحها للسلطة العنصرية كي يُمنح حزب المؤتمر بطاقة تسجيل.
الفيتكونغ لم يسلموا بنادقهم للأمريكان قبل التفاوض. الجزائر لم تتحول إلى جمعية خيرية قبل أن يرحل الاستعمار الفرنسي.
لكن وحده “الرئيس الفلسطيني” يرى أن التحرر يبدأ من تسليم البندقية للمحتل… ثم انتظار “الشرعية الدولية” كي تعطيك رخصة وجود.
عباس في خطابه الأخير طالب حماس أن تتحول إلى حزب سياسي وتعيد سلاحها للسلطة، بل وذهب أبعد: دعا إلى شراكة عربية ودولية لإدارة غزة، وكأن القضية الفلسطينية أصبحت مشروع مقاولة يحتاج إلى “مستثمرين أجانب”.
المفارقة أن هذا الخطاب لا يوجه فقط ضد حماس، بل ضد الفكرة كلها: فكرة أن المقاومة حق مشروع لشعب تحت الاحتلال. عباس هنا لا يختلف عن أي موظف أممي يرى أن المشكلة “إدارية” لا استعمارية، وأن الحل يكمن في إعادة توزيع الصلاحيات، لا في إنهاء الاحتلال.
في المقابل، حماس ردت بأن هذا “مغالطات” وزادت تمسكها بسلاحها. الحقيقة أن مجرد النقاش حول “تسليم السلاح” يعكس حجم الفجوة بين مشروعين: واحد يرى أن فلسطين قضية تحرير، وآخر يراها “ملفًا دبلوماسيًا” في أروقة الأمم المتحدة.
محمود عباس، بعد كل هذه السنوات، صار أقرب إلى “مراقب دولي” منه إلى رئيس شعب تحت الاحتلال. وكلما تكلم بدا وكأنه يطالب الفلسطينيين بفعل ما لم تفعله أي حركة تحرر في التاريخ: إعلان الاستسلام كخطوة أولى نحو الحرية.