الحادي….قصة قصيرة بقلم مهاب حسين/مصر.

رغم فشل محاولاته السابقة.. لكنه لم يعبأ، وأخذ يهزها بعنف، حتى أنهكه التعب.. فتمدد عاقدا يديه خلف رأسه، مُحدقا إلى السقف العاري.
……………………………
كان متميزا عن أقرانه بطوله الفارع وشعره المجعد.
كانوا يلقبونه بالحارس لهلّته المثيرة للفزع والدهشة..
قال أبوه:
– الحارس هو من يدفع الأذى ويذود عن عرينه، الملاذ الأخير حين تهب الأعاصير. يحتفظ دوما بنقاء سريرته وجلاء فطرته، حتى لو غامت الفصول وتعاقب الليل والنهار بغير اكتراث، وتعب الناس وصار الكلام هزلا والهزل كلاما. رد في حماس:
– كالأسد.
أومأ برأسه بالإيجاب..
أعجبته كلمات أبيه واستقرت في قرارة نفسه.
…………. ………. ……….
– لمَ تحبسها؟.
– أخشاها..
– أرأيت منها ما يسوء.
– لن أنتظر وقوعه.
– إطلق سراحها.. تتحرر روحك!.
ومضت كلمات معلمه كالبرق في ظلمات جوفه، فغمرت روحه بسحب النور والطمأنينة.
………………………..
حين اندفع الجمع غاضبا.. ينشرون الفزع والرعب، يثيرون الغبار واللهب في أقدامهم، انكمش الرعاة ولاذ الفتيان بالفرار. اعتصم عوام الناس بأعلى الجبل، واختبأ الرماة.. تلفت حوله فلم يجد أحدا، زحفهم يقتل اليابس ويمحو الشجر.
أبصرها عن قرب.. يأسرونها مقيدة، انتصب واقفا.. خيره الجمع بينه وبينها، أمسك عصاته المجدورة في كبرياء وأدارها في زهو مستعدا للقتال.
………………………..
– لم تتغلغل في نفسي كلما كبرت، كأني ولدت بها. “تساءل “.
– “موتك في موتها “!.
من صاح بهذه العبارة وأنا ألج حي الجمالية المكتظ باللغط والصخب؟.. أراقب الصبية وهم يتقاذفون الكرة، يركلونها بأرجلهم في كل اتجاه، وتظل تتعارك مع أقدامهم حتى تدخل عبر إحدى الأقدام إلى المرمى المفتوح.. فيهلل الجميع وتغشى البهجة الوجوه والنفوس.. أما هي فيأتون بها ويعاودون نفس الكرّة !! .
……………………………
زحفوا إليه متدثرين بالظلمة والصمت.
لم يشعر بوجودهم لأول وهلة..
حتى أيقظه صوت ارتطامهم بدلو ممتلئ بالمياه.
هب من مرقده بجذعه الأعلى، نفض عنه دفء الفراش.. أدخل قدميه بحذر في خفه البني، أحكم ربط عمامته، امتشق عصاته، فتح الباب بغتة، فصعقتهم المفاجأة.. تحركوا ببطء في مجابهته، بدوا أربعة أشخاص أو خمسة..
باب الغرفة من وراءه مفتوح.. ظلالهم منبسطة أمامه، خلفهم سور حجري
يحجز عتمة لاقرار لها..
لمحها تزحف ببطء صوب بئر السلم هاربة..
في نفس اللحظة التي كان يتأهب فيها للنزال.