حافظ المرازي يكتب :ترامب يُعيد لأمريكا اسم “وزارة الحربية” بدل الدفاع
مع ان حروبها منذ نهاية الحرب العالمية لم تكن دفاعية

وقّع دونالد ترامب اليوم واحداً من عشرات إسهال مراسيمه الرئاسية التنفيذية، التي لاتحتاج موافقة الكونجرس، ولكن القرار هذه المرة بتغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية المقرر بقانون منذ عهد الرئيس الديمقراطي ترومان عام 1949 ليصبح الاسم “وزارة الحربية” تحت إشراف “وزير الحربية” وليس الدفاع بيت هيجسيث. وقد اعاد ترامب بذلك الاسم الأصلي للوزارة منذ أنشأها الكونجرس الأمريكي عام 1789 كوزارة الحربية عند تأسيس الدولةـ.
وحتى لا يُعطّل الكونجرس قرار الرئيس، لاحتمال عدم الموافقة على تغيير اسم الوزارة، رغم سيطرة حزبه الجمهوري على أغلبية بسيطة في الكونجرس بمجلسيّه، لجأت إدارة ترامب لثغرة قانونية تسمح للرئيس تغيير الاسم الفرعي/الجانبي أي الثاني لأي وزارة او منصب وزاري، وبالتالي، سيبقى اسم وزارة الدفاع من فوق (حتى يوافق الكونجرس) لكن الاسم الثاني تختها وبخط أكبر سيتغير فورا الى “وزارة الحربية”!
المفارقة، ان الكثير من حروب امريكا في وقت تسمية وزارتها ب”الحربية” كان على حدود الارض الأمريكية اي يمكن اعتبارها دفاعية، سواء حرب الاستقلال عن بريطانيا وتجدد هجماتها عام 1812 او ما عُرف بالحرب الإسبانية مع المكسيك او الحرب الفرنسية او حتى الحرب ضد السكان الأصليين، وصولا إلى الحربين العالميتين التي انتهت الأولى بمبدأ الرئيس ولسون “حق تقرير المصير” للمستعمرات في “العالم القديم” ومنها حصلت مصر على شبه استقلالها، او الحرب الثانية لوقف عدوان النازي والفاشي بحروب بدأتها المانيا مع ايطاليا.
بينما كل حروب امريكا بعد تغيير اسم وزارتها إلى “الدفاع” كانت هجمات بدأتها أمريكا فيما وراء البحار والمحيطات بعيدا عن أراضيها، سواء كانت الحرب الكورية او الفيتنامية او حربي افغانستان والعراق ثم قصف ليبيا، وحتى الحرب لصالح إسرائيل على إيران ومنشئاتها النووية، في عهد الرئيس الحالي، الذي رشحه نتنياهو، لجائزة نوبل للسلام!
ورغم ان ترامب قد نوّه منذ اشهر عن رغبته في تغيير اسم الوزارة للحربية بدل الدفاع، اتساقاً مع حركته القومية اليمينية الرجعية ماغا: ب”إرجاع أمريكا عظيمة من جديد” لكن يبدو انه حسم الأمر بالتغيير الآن دون انتظار موافقة الكونجرس بدافعين:
– شخصيا، فقد الأمل في الحصول على جائزة نوبل للسلام، هذا العام، وعملاً بمبدأ “خربانة.. خربانة”!
= واستراتيجياََ، لكن شخصيا ايضا.. بحكم أنها دوافع اتخاذ أي قرار عنده، فربما يكون رد فعله على العرض العسكري الصيني لاستعراض القوة وخصوصا بحضور دكتاتوره “المُبَجَّل” بوتين. وأدرك القيصر الورقي الأمريكي بعد فشل مناوراته للحرب الاقتصادية باستخدام الجمارك مع الصين، والتي خسر فيها الهند، انه لن يُفلح، وليس لديه سوى القوة العسكرية لتحدي المارد الصاعد للصدارة العالمية.
ويظهر هذا الدافع من حديث ترامب وهو يوقّع على قرار تغيير اسم الوزارة، حين قال إن غواصاتنا الحربية متقدمة بعشرين سنة عما لدى الصين. ولم يُشر بالطبع للتفوق في السلاح الجوي الذي اصبحت الصين نداََ لأمريكا فيه.
كما لم يُفوًت ترامب الفرصة في حديثه دون انتقاد سلفه الديمقراطي بايدن، حين اعتبر قراره بالانسحاب غير المُنظَّم من افغانستان قبل اربع سنوات (مع ان ترامب هو الذي وقّع الاتفاق عليه مع طالبان برساطة قطرية) أدى لأسوأ ايام امريكا وصورة ضعفها امام العالم وهي تنسحب مهرولة مفزوعة من افغانستان ومن مطار غير محمي جيدا.
موضحا (والصين مازالت في باله) بأننا ضيّعنا فرصة الاحتفاظ بقاعدة باغرام الأفغانية المهمة والمحصنة، بدلا من استغلالها استراتيجيا مستقبلا لأنها “تبعد ساعة واحدة عن الصين” وخطوطها الدفاعية.
– لكن من يدري بالنتائج رغم العنتريات، ففي ظل الضعف الاقتصادي وتآكل المؤسسات الامريكي بسبب حقبة ترامب، فقد “تعود أمريكا من جديد” لكن دفاعية وفي المرتبة الثانية او الثالثة بين القوى العظمى، أي بنفس اسمها القديم حين كانت وزارتها تُسمّى “الحربية” حتى نهاية الحرب العالمية الثانية وقبل صعودها للصدارة.
أما حين كانت الأولى، فقد حوّلت اسم وزارتها ل”الدفاع” والذي كانت بعيدة عنه بُعدَ وزارة نتنياهو و”جيش دفاعه” عن الحقيقة!