تَجلٍّ لا تَبلغُهُ القصائد/للشاعرة السورية عائشة بريكات

تجلٍّ لا تبلغُهُ القصائدُ
—————————
من سطرِكَ الأوّلِ
كما ينظرُ الضوءُ إلى مراياه
أتأملُكَ.
لم تكنْ صوتاً يُوقظُ الصَّباحَ
بل أنفاسي العائدةَ من حلمٍ ناقصٍ
فأكملْتَني.
وقفتَ في ظلّي
فأزهرتَ لي الشَّجرَ
و تطاولتَ
حتى منحتَ اليمامَ أسماءً
لم تعرفْها أغصانُهُ.
جمَّلتَ القيظَ بتمّوزكَ
ورأيتَني — رغمَ عطشي —
أنسالاً لمّا تنكسرْ بعدُ
تأملتَ ضحكتي
كأنَّها نبيذٌ منزَّهٌ
وحين خفتَ ارتشافها
أدركتَ أنَّكَ لم تأتِ لتأخذَ لونَها
بل لتقفَ لحظةً
في مقامٍ لا يَطالُهُ الفهمُ
ولم أفهمْهُ
أحببتُ اقترابَكَ بوداعةٍ
ثم ارتدادَكَ بورعٍ
كأنَّي محرابٌ صغيرٌ في آخرِ المدى
وأنتَ على وضوئِكَ الأخيرِ
تحاولُ أن تُصلي
واقفاً على براءةِ المعنى.
أنا الغيمةُ
التي تُبلّلُكَ كلَّما ظننتَ
أنَّكَ ناجٍ من المطرِ.
وظلُّكَ الأخيرُ
حين تخفتُ فيك الألقابُ
وتنسى أصحابَها
هذا صداي
الذي يعيدُ ترتيبَكَ
كلَّما بعثرتَكَ
نداءاتُ الياسمينِ المنسيّ
على رصيفِ البلاغةِ.
فلا تقتربْ أكثرَ…
لستُ فردوساً يُطال
ولا سرّاً يُذاع بعد تمامِ نشوةٍ.
كثافةٌ أنا
يختبرُ الحرفُ بها نبوءتهُ.
وقصيدةٌ
تبصُركَ
حينما تُعجزُكَ رؤيتي.
فدعْني كما أنا:
معلّقةً بين يقينِكَ وشكّي
ظنّاً لا يُفشى
وأمنيةً لا تُستدرج.
لستُ خاتمةً لقصتكَ
ولا بدايةً للمعرفة —
بل احتمالٌ مفتوحٌ
كأوّلِ جهلٍ بكَ.
فابقَ قابَ قبلةٍ
و سطرين
لأني لستُ المعنى
بل خوفُ الحكايةِ
حين اكتمالها،
وسؤالُها المرتجفُ:
ما الذي سترويهُ
شاعرتي بعدُ؟
—العائشة