د.فيروز الولي يكتب :الحج عيدروس الزبيدي.. رئيس عدن من أبوظبي!

من الحراك إلى الحركة الباهتة: قصة الزعيم الذي طار مع التيار
بقلم: د. فيروزالولي
عندما تتحول الثورة إلى إعلان ممول
في اليمن، لا شيء يفاجئ المواطن. انقطاع الكهرباء؟ معتاد. أزمة وقود؟ كلاسيكية. وعود بتحويل عدن إلى دبي؟ هذه باتت نكتة موسمية. أما البطولة السياسية فصارت، للأسف، ماركة تُسوّق بفلتر خليجي وتُباع كسلعة في واجهة القنوات الرسمية.
بين كل هذه المشاهد، يظهر اسم “عيدروس الزبيدي”، الزعيم الذي تسلّق جدار الحراك الجنوبي كمنقذ، ثم قفز منه ببدلة دبلوماسية في فندق خمس نجوم خارج اليمن، لينضم إلى جوقة “القادة عن بُعد”!
الجنوب الغني… والقيادة الفقيرة!
لنُذكّر سريعًا:
الجنوب ليس فقيرًا. فيه ميناء عدن، أحد أهم الموانئ الطبيعية.
فيه ثروات نفطية وغازية.
فيه سواحل تصلح للصيد والسياحة.
فيه شباب يمتلكون الكفاءة والكرامة والنية للعمل.
لكن، للأسف، فيه قيادات تُجيد الرؤية من شرفات الفنادق، وتخطئ في النظر إلى الواقع.
المشكلة ليست في الموارد، بل في من يديرها؛ في الزعيم الذي يقول شيئًا في الصباح، ثم يسافر في المساء لتوضيح ما لم يقله… أو ما قيل على لسانه بالخطأ، أو ربما الصواب؟
الزعيم الساحر: من الميدان إلى “الميديا”
عيدروس الزبيدي بدأ مشواره بثوب الحراك، لكنه لم يلبث أن لبس بدلة “التحالف”، ثم “الانتقالي”، ثم رُبّما “الانتقالي المؤقت”، لأننا حتى اللحظة لا نعرف هل الرجل قائد جنوبي مستقل، أم مندوب علاقات عامة بتحالف خارجي؟
بينما المواطن الجنوبي يواجه:
أمراضًا بلا أدوية.
طرقًا تُذكّره بسباقات “الرالي”.
كهرباء تُغادر كلما دخل الصيف.
كان الزبيدي يصرّح في قناة خليجية: “عدن ستكون دبي أخرى”.
رد المواطن الجنوبي كان بسيطًا جدًا:
“ودّي تصير زنجبار دبي أول.. بعدين نشوف!”
القيادة على بُعد 2000 كلم.. من صالة الدرجة الأولى
هل يُعقل أن يقود “رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي” شعبًا لا يعيش بينه؟ هل يمكن لمن يشرب قهوته في “جميرا” أن يُقنع الصياد في “المعلا” أن يتحمل الظلم، والجوع، والكهرباء المقطوعة؟
دعونا نضحك قليلًا:
عندما تنقطع الكهرباء عن عدن، تُصدر القيادة بيانًا من أبوظبي:
“نحن نتابع الوضع عن كثب”.
لكننا لا نعرف، هل يتابعونه من الشاطئ أم من حوض السباحة؟
الفساد… بالأرقام لا بالنوايا
وفق تقرير رسمي من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة:
أكثر من 1.7 مليار دولار فُقدت في الهواء الطلق — لا بسبب أعاصير، بل بسبب مسؤولين ذوي ذمم مرنة.
أين المشاريع؟
أين التحقيقات؟
أين الكهرباء التي وعدتم بها؟
أم أن أضواء أبوظبي تُنسيكم الظلام في خور مكسر؟
الحج عيدروس يكتب خطابات.. لكن المواطن لا يأكل “بيانات”
البيانات الرئاسية للزبيدي تأتي تباعًا، لكنها تحتاج مترجمًا من لغة “الإستراتيجيات” إلى “خبز وسكر”.
كل خطاب يبدو كأن كاتبه خريج علاقات دولية… لكن مع شهادة من “تيك توك”، لا من أكاديمية سياسية!
الدستور اليمني.. لا زال على قيد الحياة!
وللتذكير القانوني (حتى لا يُقال أن النقد تهجّم):
المادة (24) من الدستور اليمني:
“الدولة تعمل على توفير الأمن والطمأنينة والفرص المتكافئة لجميع المواطنين”.
المادة (76):
“الوظيفة العامة تكليف وخدمة للمجتمع، هدفها تحقيق المصلحة العامة وخدمة الشعب”.
إذن، يا زعيمنا الفاضل… القيادة ليست “كرسي وبيان”، بل “عرق ومسؤولية”.
نهاية المشهد: هل الزبيدي حمل القضية، أم القضية حملته؟
الرجل لديه فرصة، لكنه يُهدرها يوميًا بتكرار الخُطب، وتوزيع الصور، والتغريد من “الراحة التامة”.
حتى لا يتحول من “قائد جنوبي” إلى “ميم سياسي” يتداوله الناس في السوشال ميديا، عليه أن يختار:
إما قيادة حقيقية من الأرض، للمواطن، وبالمشاريع الملموسة.
أو أن يعترف: “أنا منصّة إعلامية لا أكثر”، ونُصفق له على صدقه!
4 خطوات لتكون قائدًا فعليًا لا فُقاعيًا:
1. ارجع عدن — لا يمكنك قيادة الجنوب من خريطة غوغل.
2. افتح ملفات الفساد بنفسك — لا تنتظر تقريرًا يُسرب بعد 4 سنوات.
3. قدّم برنامجًا تنمويًا مفصّلًا — بالكهرباء، الطرق، الصحة، لا بـ”النية الطيبة”.
4. ارفض أن تكون أداة خارجية — فالكرامة لا تُمنح، بل تُثبت.
وأخيرًا…
لا بأس إن فشلت، فحتى القادة يخطئون.
لكن العيب أن تفشل وتظل تُصرّ على نجاح وهمي…
أو أن تبيع حلم الجنوب في بورصة المواقف الخارجية.
توقيع المواطن الجنوبي:
“لا نريد دبي جديدة… نريد عدن القديمة لكن بكرامة”.
للتوثيق: المقال يستند إلى مواد من الدستور اليمني، تقارير رقابية، وقوانين رسمية، ويعبّر عن رأي مواطن ومثقف يملك الحق في النقد والمساءلة، وفق المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.