كتاب وشعراء

قميص الرؤيا للشاعرة السورية القديرة سرية العثمان

#قميص_الرؤيا..(حين يخرج الضوء من البئر)

لا تَقصُصْ رؤياك
كَظيمٌ هذا الليل،
ٱبيضّتْ عيناهُ من الوجد..
القميص!..
عَصَفتْهُ ريحٌ صَرصَرْ،
وسقطَتْ أقمشةُ الأمانِ
عن كتفِ الوطنِ،
تعثّرتْ خطاهُ
بأشلاءِ الطُهرِ المُهاجَر،
والنخلُ…
يعصرُ صمتَهُ في جرارِ الانتظار.

يا سَيّدي،
قد ضلّ إخوتُك الطريق،
باعوا البئرَ
واستراحوا على جُدرانِ السلطان،
ورأوا الرؤيا كذِباً،
فعموا عنها

لا تَقصُصْ رؤياك،
فالرؤيا نورٌ لا يُعطى
إلا لمن صلّى في الظلمةِ
وقال: “هوَ… لا أنا”

يا وَجهَ الأبديّة،
يا قميصَ الطُهرِ
الآتي من الجهاتِ الأربع،
كُن لنا تأويلاً
نلبسهُ صبراً،
ونعلّقهُ على أبوابِ العودةِ
رايةً لا تميل

قلبي على خيمةِ المجدِ مُعلّق،
وفي كلِّ زفيرٍ أناديك:
هل رأيتََ الذين ضَيّعوا يوسف؟
هل شَممتَ القميص؟
هل سَمعتَ
خَطوَ القادمينَ من البئرِ
بأقدامِ اللهفة؟

فلمّا جاء قميصُ اليقين
عادَتْ البـصيرةُ لمن فقدَ البَصر
وتجلّى في القلبِ نداء:
“أنا هوَ، لا تَخَفْ”

رأيتُكَ..
لا في البئرِ
ولا في القميصِ
ولا في الدمعِ المَسفوكِ على خدِّ الجبال،
بل نوراً أضاء وجداني
حين ذابَ الحجابُ
وانكشفتْ الأنفاسُ
عن سرِّ الوجود

ناديتُكَ
فأجبتني بصمتٍ
أعمقَ من كلِّ القول،
كُنتَ أنتَ الرؤيا،
وأنا المُعبِّر،
كُنتَ البئرَ،
وأنا الساقي.
كُنتَ النفي،
وأنا الوطن

ها أنا..
أنظرُ الآن بعينَينِ لا تغفُوان،
ألمسُ ثوبَكَ في كلِّ ظلٍّ،
وأسمعُ خطوكَ في شهيقِ الدعاء،
يا مَن تُعلّقُ القميصَ
على أبوابِ القلب،
تعالَ…
فقد عُدنا جميعًا،
إلّا إخوتي،
ما زالوا يُنكرون النور
إذا خرجَ من البئر،
ويُخفون الصِواعَ
تَحتَ أقمصةِ التبرير.

سرية العثمان ٢٠٢٥/٩/١٦

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى