بائع الهواء…..بقلم فاضل عباس

بائع الهواء
المحتال ،
الذي باعني فرحاً ليلةَ أمس،
يجلس الان على صندوقٍ خشبيّ،
يمضغُ الوقت بأسنانٍ ضاحكة،
ويعرضُ شيئاً جديداً
أكياس هواءٍ قديمة،
قال إنها
من أمكنة لا تُنسى .
اقتربتُ منه،
سألته إن كان يبيع شيئًا لا يُرى
لكن يمكن تصديقه.
قال لي
كل شيء يُباع إذا لبسته الرغبة ،
الهواء الذي له نكهة الماضي،
و العاشق اليحتاج إلى جرعة من ذاكرة غيره
ناولني كيسًا صغيرًا،
شفافًا مثل الحنين،
مكتوبٌ عليه بخطٍ مائل:
هواءُ حضنٍ قديم.
استنشقتُه خفية،
فامتلأ قلبي بصوتٍ يشبه ضحكتها،
و عيناي بمطرٍ .
سألته:
أهذا خداع؟
فابتسم وقال:
بل هذا، يا صديقي،
ما تبقّى من الحقيقة بعدما تعفّنت.
ثم أدار وجهه لامرأةٍ تمرّ،
كانت تحمل كيساً منه،
وتضحك كأنها وجدت من يشبهها أخيرًا
و حين ابتعدت،
قال المحتال بصوتٍ خافت:
النساء أكثر إخلاصًا للوهم.
هنّ لا يُردن الحقيقة، بل من يمنحه اسماً جميلاً.
ومضى،
يُصافحُ الغرباء،
يضحك مع الأطفال،
ويقايض الضجر بكيسٍ من هواءٍ دافئ.