وليد عبد الحي يكتب :غربان العم سام

يوم امس استخدم المندوب الامريكي في مجلس الامن الدولي الفيتو رقم 6 ضد وقف اطلاق النار في قطاع غزة ، أي ان الولايات المتحدة تعطل الارادة الدولية في فلسطين مرة كل أربعة اشهر، وفوق ذلك فقد أدرج ترامب الكثير من الادول العربية ضمن قوائم حربه الجمركية، بل ان بيان مجلس الامن الخاص بقصف قطر جوا خلا حتى من الاشارة الى اسرئيل اسماً(وكأن الذي قصف قطر مدد من السماء)، وتتوالى اكاذيب الرئيس الامريكي يوميا، فهو يدعي ان الاسرى لدى المقاومة اصبحوا خارج الانفاق، وانهم يُعاملون معاملة وحشية رغم اقرارهم بعد الافراج عن بعضهم بحُسن المعاملة، ورغم كل هذا “السوء” قُدمت لترامب هدايا ومشروعات استثمارية وصفقات تجارية خلال ساعات تساوي 2.1 تريليون دولار(حسب التقارير الامريكية) ، اي ما يعادل 7.2% من اجمالي الناتج المحلي الامريكي لعام 2024 .
الى جانب ما سبق، يكفي التذكير بالمساعدات الامريكية لاسرائيل ،وساعتمد على تقرير الكونجرس الامريكي خلال فترة طوفان الاقصى، فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تلاها من صراعات إسرائيلية في غزة ولبنان وإيران، قدّم الكونغرس مساعدات عسكرية تكميلية طارئة لإسرائيل، وخصص تمويلًا يتجاوز شروط مذكرة التفاهم السنوية لبرامج الدفاع الصاروخي الأمريكية الإسرائيلية المشتركة على النحو التالي:
أ- في أبريل/نيسان 2024، أقرّ الكونغرس 3.5 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي لإسرائيل.
ب- 5.2 مليار دولار من مخصصات الدفاع موزعة على اساس: للدفاع الصاروخي (4 مليارات دولار) ونظام الدفاع الليزري الإسرائيلي الجديد، “الشعاع الحديدي” (1.2 مليار دولار).
ت- يُقدّم قانون الاعتمادات والتمديدات المستمرة للعام المالي 2025، رقم 119-4، تمويلًا عسكريًا أجنبيًا (FMF) وتعاونًا في مجال الدفاع الصاروخي لإسرائيل بمستويات السنة المالية 2024 (3.3 مليار دولار و500 مليون دولار على التوالي).
ث- يتضمن القانون العديد من الأحكام الخاصة بإسرائيل، مثل: يُحدّد القسم 11206(1) التمويل العسكري الأجنبي للسنة المالية 2025 للمشتريات الخارجية لإسرائيل (وفقًا لشروط مذكرة التفاهم) بمبلغ 450.3 مليون دولار.
ج- يُعيد القسم 11208(ج) تفويض ضمانات القروض لإسرائيل حتى عام 2030؛ ويُعيد القسم 11208(د) تفويض الحدود النقدية السنوية للإضافات الأمريكية إلى برنامج مخزون الاحتياطي الحربي للحلفاء، بما في ذلك المخزون في إسرائيل، حتى السنة المالية 2027 (بمبلغ 500 مليون دولار سنويًا).
– 47 مليون دولار لبرنامج مكافحة الأنفاق ، و40 مليون دولار لبرنامج أنظمة الطائرات بدون طيار الأمريكية الإسرائيلية.
وفي الدورة 119 للكونغرس، اقترح المشرعون قانون الشراكة الدفاعية الأمريكية الإسرائيلية لعام 2025 والذي من شأنه أن يُجيز تمويلًا دفاعيًا إضافيًا للتعاون الأمريكي الإسرائيلي في أنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار ، ومواصلة التعاون في مكافحة الأنفاق، ويُلزم وزير الدفاع بإشراك “وزير الدفاع الإسرائيلي في مناقشة عملية انضمام إسرائيل إلى القاعدة التكنولوجية والصناعية الوطنية (كما هو مُحدد في القسم 4801 من الباب 10 من قانون الولايات المتحدة)”. في مجلس الشيوخ.
وهنا يقفز السؤال الكبير : هل يمكن الفصل بين نهر “كرمكم ” لامريكيا(2.1 تريليون دولار) وتحوله لكرم امريكي لاسرائيل؟ اي تنقلون كرمكم الى الجيب الامريكي ،فيستدير الامريك لنقل بعضه الى الجيب الاسرائيلي..أليس كذلك؟
الوجه الآخر يتمثل في اني تابعت بيانات الدول العربية ، فإذا استثنينا الموقف اليمني الصريح ، فان اي بيان او تصريح ناطق رسمي عربي ممن يدفعون لترامب او تتواجد قواته الامريكية على اراضيهم لم يتجرأ حتى لفظا على توجيه اي نقد للولايات المتحدة او رئيسها الذي أثبت تقرير علماء أكاديميين امريكيين متخصصين في علم النفس وفروعه انه يكذب بمعدل 76% من اقواله ، ويتخفى الناطقون الاعلاميون العرب وراء جعجعة لا يتبعها طحنا.
ان الانهيار العربي القادم اكبر مما تظنون، فما يجري في فلسطين تطبيق دقيق لمشاريع اليمين الاسرائيلي لاجهاض اي كيانية فلسطينية والتوطئة للتهجير، وفي سوريا يجري تطبيق أمين للخطة التي كتبها وزير الخارجية الاسرائيلي الحالي جدعون ساعر قبل عشر سنوات (وسبق اني ترجمتها للعربية ونشرتها)، وفي لبنان تتم هندسة ديموغرافية استكمالا للهندسة الديموغرافية والجيواستراتيجية في سوريا .
فإذا اضفنا الى ذلك اشتعال النيران من حول مصر(في السودان الذي يحرقه شخصان يقود كل منهم رعاعا محشوة عقولهم بعصبيات قبلية وجهل مستحكم) وفي ليبيا( حكومتان تغذيهما دول الملح والبترول) وفي البحر الاحمر الذي شل قناة السويس التي تمثل احد اهم مصادر الدخل القومي المصري، ثم جبهة غزة التي تعرفونها، تتضح مقومات الواقع العربي.
اما بقية الدول فيكفي عرض ما يلي:
1- دول تقع في خانة عدم الاستقرار السياسي (مقياس كوفمان):( وهي الاردن،لبنان،سوريا، العراق، السعودية ،البحرين،اليمن، الجزائر، مصر،ليبيا ، المغرب ،موريتانيا، السودان، فلسطين،تونس) أي حوالي 83.3% من اجمالي الدول العربية.
2- تقع جميع الدول العربية في خانة الاستبداد طبقا لمؤشر الديمقراطية( وطبقا للتنظيمات الاقليمية العربية الفرعية ،فان النتائج تشير الى : (العلامة من 10): دول مجلس التعاون واليمن(2.75)،حوض النيل(2.73)،الهلال الخصيب(3.33) والمغرب العربي(4.25).
3- عدالة توزيع الثروة: تدل قياسات توزيع الثروة استنادا الى مؤشر غيني(Gini Index) ان:
10% من الشعب العربي يمتلكون 56 % من اجمالي الثروة العربية( الطبقة العليا)
50% من الشعب العربي يمتلك 12% من اجمالي الثروة العربية(الطبقة الدنيا)
40% من الشعب(الطبقة الوسطى) يمتلكون 32% من اجمالي الثروة.
نسبة الاختراق الخارجي(له عشر مؤشرات فرعية)، ويتركز حول قدرة القوى الخارجية في التأثير على قرار الدولة او الاقليم الفرعي (أو المقاولون من الباطن لحساب امريكا بتعبير رئيس وزراء قطر السابق) ن وتدل عملية القياس على ان نسب الاختراق الخارجي هي::
-الخليج العربي :80%
-الهلال الخصيب 74%
-حوض النيل : 61%
-المغرب العربي: 59%
إذن : هل هذه مؤشرات مطمئنة ؟ ثم ما هي الانجازات التي تقدمها الانظمة العربية لتبرير وجودها في الحكم؟ فإذا كنا كاقليم سياسي مهزوم من كل خصومه،و نحتل المركز الاول في الاستبداد والاول في عدم الاستقرار والاول في سوء توزيع الثروة والاول في نسبة الاختراق الخارجي..فأي مؤهلات لهم للبقاء في الحكم…؟
ان الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية فيما بينهم خلال العقود الستة الماضية بما مجموعه 115 مرة ،لم يتجرأوا على قطع العلاقات مع عدو احتل بلادهم ،وقتل وجرح وشرد الملايين ، وقص اغلب بلدانهم .
سؤال نرجو من وزراء الاعلام العرب ان يجيبونا عليه : ما المؤهلات التي يمتلكونها للبقاء في السلطة بعد كل هذا ؟ فلاني انتمي لفريق “ربما”، سانتظر الجواب منهم، فقد يكشفوا عن جهلي العميق…