كتاب وشعراء

نشيدُ الذَّات…بقلم حيدر البرهان

1. الرؤية

رُؤْيَتُكَ هِيَ النُّقْطَةُ الَّتِي تُنْبِتُ كَوْنًا.
لَيْسَتْ طَمَعًا فِي ضَوءٍ،
بَلْ هِيَ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الضَّوْءَ.

رُؤْيَتُكَ هِيَ الْبُذْرَةُ
الَّتِي تَخْتَزِنُ فِي صَمْتِهَا شَجَرَةَ الْأَنْدَادِ.
هِيَ الْخَرِيطَةُ الْغَامِضَةُ الَّتِي رَسَمَهَا الْقَدَرُ عَلَى جِدَارِ رُوحِكَ قَبْلَ أَنْ تُولَدَ.
مَنْ يَعِشْ بِغَيْرِ خَرِيطَةٍ،
يَتَاهْ فِي صَحْرَاءِ الْوَاجِبَاتِ،
وَيَبِيتُ فِي ظِلِّ غَايَاتِ الْآخَرِينَ.

2.

الجسر:
طُقُوسُ الْعُزْلَةِ وَالْجَمَاعَةِ

هَذَا هُوَ السِّرُّ الْأَعْظَمُ:
الْاِنْضِبَاطُ لَيْسَ سِجْنًا،
بَلْ هُوَ رَقْصَةُ الْحُرِّيَّةِ الْأَكْمَلِ.
هُوَ طَقْسُ الْيَقَظَةِ فِي الْفَجْرِ،
وَالْحَرْفُ الَّذِي يُكْتَبُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ.

كُلُّ جُهْدٍ،
كُلُّ خُطْوَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ،
هِيَ لَبِنَةٌ لَيْسَ فِي جِسْرِكَ فَحَسْبُ،
بَلْ فِي قَنْطَرَةِ الْكَوْنِ،
الَّتِي تَرْبُطُ بَيْنَ الْعَبْقَرِيَّةِ وَالْعَرَقِ،
بَيْنَ الْأُمَمِ وَالْأَحْلَامِ.
نَحْنُ لَا نَبْنِي لِأَنْفُسِنَا فَقَطْ،
بَلْ نَحْنُ بَنَّاءُونَ فِي صَرْحِ الْبَشَرِيَّةِ.

3.

القِمَّةُ:
الْوَهْمُ وَالْحَقِيقَةُ السَّرْمَدِيَّةُ
اِحْذَرْ أَنْ تَصِلَ!
لأَنَّ الْقِمَّةَ وَهْمٌ يُرَاوِغُ الْحُجَّاجَ.
الْفُرَاقُ بَيْنَ الْوَصُولِ وَالْكَمَالِ
هُوَ بُعْدُ سَنَاءِ النَّجْمِ عَنْ عَيْنِ النَّاظِرِ.
الْفَشَلُ لَيْسَ جُرْحًا،
بَلْ هُوَ النَّدْبَةُ الْفَخُورَةُ
عَلَى جَسَدِ مُجْتَمَعِ النُّخْبَةِ،
تُحَدِّثُ الْجِيلَ الْقَادِمَ
عَنْ مَعْنَى أَنْ تَسْقُطَ ثُمَّ تَسْتَقِيمَ،
كَسُنْبُلَةٍ بَعْدَ الْمَطَرِ.

4.

النَّجَاحُ:
الرِّحْلَةُ الَّتِي لَا تَنْتَهِي

النَّجَاحُ الْحَقِيقِيُّ لَيْسَ
ذُرْوَةً تُغْتَالُ مَرَّةً وَاحِدَةً.
إِنَّهُ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعَادَةِ
الْبَرَاءَةِ بَعْدَ كُلِّ خِيبَةٍ.
هُوَ أَنْ تَرْحَلَ مِنْ ذَاتِكَ إِلَى ذَاتِكَ.
أَنْ تَمْشِيَ فِي الْأَسْوَاقِ بِقَلْبِ نَاسِكٍ،
وَتُدِيرَ عَجَلَةَ الْعَالَمِ بِرِقَّةِ شَاعِرٍ.
هُوَ أَنْ تَكُونَ: جَذْرًا فِي التُّرَابِ،
وَقِبْلَةً فِي السَّمَاءِ.

فَاصْعَدْ.
فَفِي صُعُودِكَ تَزْيِينٌ لِخَرِيطَةِ الْكَوْنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ حَجَرًا مِنْ جِسْرِكَ
سَيُظِلُّ مُسَافِرًا آخَرَ،
لَمْ تُدْرِكْهُ الْأَزْمِنَةُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى