كتاب وشعراء

محمد عزوز يكتب:

ماذا تعرفين عن الحزن؟

كانت تقف
مثل كتيبة من الأشجار
حشدت مواسمها
وقاتلت حطاب
مثل أسطورة تتناول عشاءها
في مخيلة قس
مثل حكايات ألف ليلة
واليس
مثل الألهة المتعاركة على مطرقة كُن

في بادئ الأمر
تحسستها
ربما كانت غابة ضلت طريقها
نحو الأسفلت
ربما هي سؤال قديم
أطلقه مركب
وانتحر بالغرق في اليابسة

وكُنت حينها
قادماً من إتجاه الموت
في يدي زهرة تأبين
وأصابع جار في مقبرة
وكلني أن أكتب بها ، وصيته الأخيرة للزوجة
( لا تنسي الاضواء الخلفية للمنزل مضاءة )

لم تسألني
هل هذه ميتتك الأولى
كان واضحاً أنني قد اتقنت المهنة
وأن الموت أصبح
مثل تناول النقانق
مثل التدخين
مثل إقناع امرأة بأن فراشي يُطل على آلهة صديقة مقربة للغواية

قالت
اعرفك جيداً
لقد.لمحتك
كنت الغلام الذي صب الماء في ايدي الألهة في قديم الخلق
اتذكرك جيداً
بجسدك الغض
وبعينيك التي تحسست زوجته
دون خبث

لابد أنها كانت محظية الألهة قلت

لكنني انكرت الامر
لأنني لم اكن املك ايدي قط لأصب الماء
مهمتي أن اراقب فحسب
خُلقت بنصف طيب
والنصف الاخر اُستخدم لتشيد مرحاضهم

قلت لها اعرفكِ
الزهرة التي قطفتها وجرحت إصبعي
ذلك اليوم الذي سال مني دم رمادي
ذلك اليوم الذي عمدني الربيع
كشتاء
ذلك اليوم الذي اصبحت فيه شاعر قبور
اُشرف في الصباح على الجماجم التي يجمعها الجنرال
وفي المساء
احتسي دمي واندم بهدوء

لم تسألني
كيف يمضي الموتى ايامهم هناك
ربما لأنها
كانت تعرف ما يفعله الموتى ايضاً
انهم يضحكون
ويشاهدون العالم من هناك
دون أن يبصقو على الارض
لأنهم يقبلون الأشياء كما هي
ويتسألون
وهم يتنهدون
( كيف لرجل لم يمت من قبل أن يحيا بهكذا ثقة )

قالت
انا عرافة
ضحكت قليلاً
ديفلي لم تعد موجودة
الرب الواحد
جرجر ألهتها على الارض
ومردقها في الخطايا
زيوس نفسه تحول لقسيس

لكنني سألت
ماذا تعرفين عن الحُزن
رجل نسيّ كيف يعانق بلطف
من فرط ما مزق في الليل من مخدات

ماذا عن الموت
انه ليس استراحة محاربين
بل نسيان مُتقن بايدي ألهة
تُجيد ارتكاب اللا متوقع

ماذا عن الجُرح
حبيبة
خلعتك من ليلها
وعلقتك
على النافذة
ليس لتراك
بل لتسُد بك الحنين المتسرب من نافذة جار

ماذا تعرفين عن الخيبة
باب يُطرق باستمرار
يتورم باستمرار
دون أن يحصل على عناية وضماد

لم تكن عرافة قط
كانت امرأة رهنت اثداءها لفم بلا شفاه
كانت قادمة من
قصيدة
متجهة نحو حتفها
راضية بموتها المعلق خلف رعشة شاعر
او خلف غفوة آله
سيء في قول كلمة شكراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى